مصطفى المانوزي
المغالاة في الطعن في مصداقية المؤسسات الدستورية والهيئات الحزبية ، دون تفعيل آليات المساءلة والمحاكمة ؛ يعد تعسفا في استعمال النقد ، ويرسخ مسلكيات التشهير التي تستهدف تكريس التبخيس والإبتزاز السياسي ، ويفتح كل إمكانيات تمييع العمل الحزبي والسياسي وتحقير جدواه ومعناه في العلاقة مع مطلب البناء الديموقراطي . صحيح أن الأحزاب تتحمل مسؤوليات فيما تتعرض له ، ولكن في ظل تفاقم مقومات الدولة الرخوة التي تضخم من خطاب الحكامة دون إعمال قواعد المحاسبة المؤسسية والمساءلة القانونية قبل السياسية ؛ لا يمكن إلا نحذر من نزعة الإستئصال التي تركب موجة الفوضوية ، وتمتطي لبوس الشعبوية ، وتعدم كل التضحيات الجسام التي كانت وراء كل ما بلغه الوطن من حلحلة وتململ ، على مستوى تحقيق بعض المكتسبات الوطنية ، الحقوقية والسياسية والإجتماعية ؛ فالثمن الأعظم سددته تلك الأحزاب التقدمية ، والتي شاء العقل الأمني أن تنهك بطريقة ممنهجة ، وتتحول قسريا إلى مجرد وكالات انتخابية بسبب الإمتيازات والزبونية والرشوة السياسية ، وصارت ، كما يحلو للبعض تسميتها ، دكاكين سياسية ؛ تبرر كل نقض وتقويض للعمل الحزبي ، فهل الأمر مرده وجود أزمة نخبة أم أزمة دمقرطة علاقة الدولة بهذه النخبة أو الطبقة السياسية ، لا فرق ، أم أن سؤال الإستغناء يطرح نفسه أمام مطلب تجويد أي إنتقال محتمل ؟