إدريس الأندلسي
قال ثنائي الدبلوماسية الإنجليزية ” سايس و بيكو ” أن منطقة الشرق الأوسط يجب أن تظل قنبلة قابلة للانفجار لزمن طويل. جاءت جيوش الاحتلال و المستوطنين من شرق أوروبا، و على الخصوص من روسيا، لخلق واقع جديد عبر عصابات صهيونية عملت على قتل عرب فلسطين بمباركة الإنجليز. رعت القوة الإستعمارية الحاملة للتاج البريطاني كل العصابات و غطت على الجرائم الإرهابية بكثير من التواطئ مع منتهكي حقوق الإنسان ضد أصحاب أرض فلسطين الشرعيين.
قتل الصهيوني الذي يجلس على كراسي صنع الإرهاب أهم مسؤول كان يحاوره من أجل صنع سلام. إسماعيل هنية فلسطيني حتى النخاع، و كل جريمة قتل لطفل أو لامرأة أو لشيخ كبير السن، لن تمر دون إنتاج كل الظروف و الوسائل لصنع كافة الأسلحة ،على المدى المتوسط و البعيد، ليظل صوت الفلسطينيين حاضرا إلى الأبد و إلى أن تنهار إسرائيل في مواجهة قيم الحضارة الإنسانية. عصابات الصهيونية صنعها الإرهاب و تحتمي بغرب إرهابي و ترعاها دول ضعيفة مؤسساتها و مسكونة بقوات ضغط في واشنطن و برلين و لندن و باريس. الصهاينة استولوا على أحزاب و نقابات و إعلام غربي. انتخابات فرنسا و أمريكا خضعت و لا زالت تخضع للقرار الصهيوني. ترامب و كاميلا المرشحين لرئاسة أمريكا يخاطبون الأمريكيان و كأنهم يتنافسان حول بلدية تل أبيب.
إسرائيل و سماسرتها يمارسون كل أنواع الإرهاب . و يسكت الغرب و يخون كل المواثيق الدولية حول حقوق الإنسان. يقتلون الفنان الفلسطيني و الشاعر الفلسطيني و المناضل الفلسطيني في باريس و لندن و في كثير من عواصم أوروبا، و تظل حكومات أوروبا و برلمانها صامتة أمام مجرمين صهاينة يعتبرون أنفسهم فوق كل المؤسسات و كل الشعوب و كل السلطات و كل المنابر الإعلامية. الصهيونية ماكينة للاغتيالات صنعها الصمت الغربي الأمريكي و الأوروبي. كل ما يحصل الآن هو عنوان للغدر و كشف عن أقنعة الغرب المساند للصهيونية.
و كلف النظام الأمريكي وزيره في الدفاع ” لوييد اوستين ” كغيره من ذوي الأصول الأفريقية، للتعبير عن موقف يحابي إسرائيل و يؤكد دعمها بالسلاح و البوارج بدون شروط. و يؤكد كذلك دعم عمليات الاغتيالات التي تقوم بها و التي استهدفت المئات من المسؤولين و عشرات الآلاف من المواطنين. و لا يقول هذا الأفريقي الأمريكي شيئا آخر غير ” واجب الدفاع عن إسرائيل ” و لو ارتكبت كل الجرائم ضد الإنسانية.
قتلت الصهيونية إسماعيل هنية، كما قتلت ،عبر التسميم، ياسر عرفات ، و قتلت عصاباتها المناضل خليل الوزير ابو جهاد في تونس سنة 1988. و قتلت كل المؤمنين بالحوار من أجل السلام. و لا يمكن تفسير جنوح إسرائيل إلى الإرهاب في قلب أوروبا سوى بعدم اهتمامها برد فعل دول الغرب بما فيها أمريكا. و لقد رأينا كيف أستقبل الكونغرس قبل أيام أحد المتابعين من طرف المحكمة الجنائية الدولية. و يتعلق الأمر بالمجرم المدعو نتنياهو. يدفع هذا الأخير كل العالم إلى الدمار و لو أدى جموحه إلى توقف الإقتصاد العامي.
و يظل السؤال الكبير هو ضعف إيران في مواجهة اختراقها من طرف أجهزة الاستخبارات الصهيونية و الغربية على العموم. أكاد أن أدخل في زمرة المشككين في قدرات بلاد فارس الأمنية و العسكرية. تتفرج إيران، بكثير من الهدوء، على حصول عمليات اغتيالات استهدفت علماء الفيزياء النووية و قياداتها العسكرية . تم اغتيال رئيسها السابق و ضيف في حفل تنصيب رئيسها الجديد في غياب أدنى درجات الاحتياطات الأمنية . و هذا الواقع يطرح قضية اختراق إيران و تدهور أداء أجهزتها الأمنية. و يظل ما هو مؤكد أن أعداء هذا البلد متغلغلون في شبكات استخباراتية و ذوي قدرة على اضعاف دولة كنا نظن أنها قوية. هذه الأجهزة لا تنجح، كغيرها في المنطقة ، سوى في قمع المواطنات و المواطنين. و يظل الخوف من تأثر الجبهة اللبنانية بدرجة الهوان التي أصابت أجهزتها الأمنية. و هذا مصير كل الأنظمة التي تعادي حقوق الإنسان و تدفع بكثير ممن يعانون من قمع أجهزة تجاوزت ” الصافاك” الذي وضعه الراحل الشاه رضى بهلوي. قمع الشباب و النساء و مبدعي كل الفنون يفتح الأبواب مشرعة أمام الصهيونية. و كل الدلائل تبين أن الاختراق أصبح سهلا . و يعتبر اغتيال ” إسماعيل هنية ” ثغرة عرت على ثغرات أكبر في نسق المنظومة الأمنية الإيرانية. و سيظل سؤال رد الفعل الإيراني، عن عمليات الاغتيال على ترابه ، اختبارا عن مصداقية نظام و خطاب و ايديولوجية و كلام في كلام. و رغم كل هذا تحشر إيران انفها في قضية وحدتنا الترابية عبر التدريب و التسليح. لكن وهن بيتهم الداخلي يشبه بيت العنكبوت.