نور الدين عقاني
و كأني به يلومنا على التأخر في الإنقاذ، و كأني به مستاء من إهمال والديه، و كأني به غاضب من سلطة محلية لم تفطن أو لم تستنفر قواتها لردم هذا البئر المهجور.
صورته الأخير توحي بأنه غير راض عن القنوات الاليكترونية و مواقع العار و تلفزات الشوهة التي استغلت قضيته في جلب المشاهدات و المتابعات، صورته تتذمر من تجار المآسي الذين نبتوا فجأة ليقتاتوا من قضيته سحتا مقيتا.
لا عليك يا ابن الشعب فقد تحولت بفضل الله إلى ابن لكل العالم، فقد وحدت في خمسة أيام الأمة العربية و الأمة الإسلامية في مناسبة عجزت عن فعلها الجامعة العربية و كل المنظمات الإسلامية، لا تغضب فقد تابعك كل من في المعمور لساعات متواصلة لم تقع حتى في أرقى و أضخم التظاهرات الرياضية، لا تبتئس فقد حركت في كل فرد في الكون إنسانيته و لامست فيه جوارحه و زعزعت فيه مشاعره،لا تمتعض فقد وحدت القلوب و انتزعت الآهات و ذرفت دموع كل البشر.
ولدي ريان لم يكتب لك أن تعيش لترى بعينيك من خاطروا بأرواحهم و غامروا من أجل إنقاذك و نجدتك، أجل لقد بلغ رجال السلطة و رجال المطافئ و رجال الإسعاف، و رجال الدرك و رجال الجندية أقصى ما في وسعهم لانتشالك من هذا العمق السحيق،لم يطل الله في عمرك حتى تشكر اللفيف المهم من المهندسين و الأطباء و الممرضين الذين رابضوا في عين المكان دون تزحزح.
ابني ريان بسببك مكث أهلك و جيرانك و أقرباؤك قربك في تحد صارخ للسلطات، بسببك سافر متطوعون و راهنوا على المخاطرة لانتزاعك من غياهب الجب.
ألف تحية لمن ذرفت عينه دموع الحزن على ريان حيا أو ميتا و صبر جميل لوالديه و ذويه و أهل منطقته، ألف تحية لكل من تضامن مع قضيته و ألف تحية لمن وقف معه في محنته.
فلنترحم على الإبن الملاك ريان ولندع له بالمغفرة و نطلب من العلي القدير أن يلهم ذويه الصبر والسلوان و أن يجعله شفيعا لوالديه يوم القيامة.
أخيرا أدعو كل حامل على وشك الولادة أن تتفضل بتسمية وليدها باسم ريان حتى نفرح والديه بهذا الاسم لكي يكبر معهم في وجدانهما و يؤنسهما في حزنهما عليه عندما يتذكرانه.
هذا طلب بسيط أتمنى أن يقره و يقترحه ضباط الحالة المدنية على الآباء الذين أنعم الله تعالى عليهم بولد ذكر.