نبصر القذى في عين ترامب وننسى الجذع في عيوننا ..من وحي حادث فلويد !
يتابع العالم بأسره ما حدث وما يجري بالولايات المتحدة الأمريكية من أحداث فجرها مقتل أمريكي أسود البشرة على يد رجال شرطة مهمتهم الأساسية الحفاظ على أمن البلاد وحماية أرواح المواطنين..الحادثة الأليمة شاهدها العالم بأسره، فأثارت غضب العديد من الشعوب التي قامت بمظاهرات بالعديد من العواصم العالمية تندد بالواقعة وتذكر بمثيلاتها على مر العصور، مّا أدى إلى شعورٍ بخيبة الأمل لدى السّود بسبب العنصرية المُعلَنة. هذه الجريمة العنصرية ليست الأولى بالولايات المتحدة الأمريكية أو بغيرها من الدول التي تدعي الريادة في الديمقراطية، فقد سبقتها وقائع مماثلة، وربما لن تكون الآخرة، لكون التفرقة أو التمييز العنصريين لا ينبعان من البشرة بل من العقل البشري، وبالتالي فإن الحل للتمييز العنصري والنفور من الآخر وسائر مظاهر عدم المساواة ينبغي، أولاً وقبل كل شيء، أن يعالج الأوهام العقلية التي أفرزت، على مر آلاف السنين، مفاهيم زائفة، عن تفوق جنس على آخر من الأجناس البشرية.
بعد التطرق للحادث المؤلم الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية مسرحا له، تعال بنا لنحط الرحال بالمغرب، البلد المسلم والوطن العزيز علينا جميعا، لنسائل ونصارح أنفسنا، على الأقل من باب الشفافية التي يتبجح بها مسؤولونا ويبطنون نقيضها..
بيني وبينكم، ألا توجد عنصرية بالمغرب؟ أليس هناك تمييز بين الأفراد؟ أليس هناك تمييز وتفرقة بين فئة وأخرى؟ وهل هناك فعلا تكافؤ للفرص في كل المجالات؟ سأقتصرعلى سبيل الاستدلال فقط، على مسألة لا أعتقد أن مواطنا مغربيا يجهلها أو غابت عن ذهنه.. في حالة ما تقدم شخصان، ذكران أو أنثيان، لطلب نفس الوظيفة، واحد أبيض البشرة والآخر أسود وكانا يمتلكان نفس المؤهلات، فمن الممكن أن يتم اختيار الشخص الأبيض لتفضيل الشركة أو الرئيس التعامل مع الأشخاص البيض أو الوسيمين كما يحلو لهم تسميتهم.
ولنتساءل فيما بيننا عن السر في عدم وجود مذيعات أو مذيعين يحملون بشرة سمراء ونشاهدهم على شاشات قنواتنا التلفزية، في الوقت الذي نجدهم ببلدان متقدمة نجتهد في تقليدها في السلبيات، وهم يقدمون نشرات أخبار وينشطون برامج ترفيهية وغيرها … لم لا نجد بالكتابات الخاصة لدى كل مسؤول سوى موظفة شقراء وبمواصفات خاصة، تسدل شعرها، متزينة ومتعطرة وكأنها في ليلة زفافها، ولا نجد موظفة سمراء اللون لها نفس كفاءات زميلتها البيضاء، وربما أفضل.. ولا يخفى عنا أن التوظيف يشترط الشواهد والكفاءة ولا يشترط لون بشرة المرشحة ولا تعرية أو تغطية الرأس، وإنما هي عقليات مسؤولين أفرزت مفاهيم زائفة على مر عصور، هي من تفرض ذلك.
شخصيا، لم يسبق أن شاهدت أو سمعت بالساهرين على البرامج التلفزية أو الإذاعية قد تحلوا بالشجاعة المطلوبة لطرح موضوع من هذا القبيل للنقاش، لما له من أهمية كبرى، ولم لا تنظيم ندوات، يحضرها مسؤولون حكوميون وأساتذة إجتماع ومختصون وجمعيات من المجتمع المدني لتدارس الموضوع الذي يعتبر من الطابوهات المسكوت عنها، قصد البحث وإيجاد السبل التي ستساهم حقا في ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص ونبذ التمييز العنصري الذي تنهى عنه كل الأديان، والتفرقة بين المرأة وشقيقتها المرأة، عوض الخوض في موضوع التفرقة بين الجنسين الذي تنادي بها جهات من منطلق إيديولوجي أو مادي بهدف خدمة أجندات جهات معروفة.
عبد الرزاق الحيحي / مراكش