آخر الأخبار

من يعادي الكتاب يكره الحرية و الحساب

إدريس الأندلسي

من يعادي الكتاب يكره الحرية و الحساب
تحية لكمال داوود المتوج ” بالكونكور” .

يكره الكابران الكرغولي، و الابن غير الشرعي للاستعمار ، كل إنتاج فكري خلاق و مبدع و حر. قبل أيام نال الكاتب الجزائري ، كمال داوود، جائزة كبيرة في فرنسا و هي جائزة الكونكور التي حصل عليها قبله مغربيين هما ليلى السليماني و الطاهر بن جلون.
فجأة صدرت الأوامر العسكرية لتحكم بإعدام الكتابة شعرا و نثرا و لغة. كلف الكابران شنقريحة زبانيته لإسكات كل الأبواق الإعلامية و تهديد كل من يسرب إلى الشعب الجزائري خبر اعتلاء أحد الجزائريين كرسي الامتياز عبر حصوله على جائزة ” الكونكور” الفرنسية. يتمثل سبب هذا العنف في تعرية عنف أكبر كان إسمه ” العشرية السوداء في الجزاءر “. يعرف الكثيرون أن الكابرانات من ” رب الدزاير توفيق إلى أغنى العساكر نزار” و غيرهم انقلبوا على الشعب بعنف حصد الأخضر و اليابس. و لا زال يعيث في الأرض فسادا.
تعود محبو الإبداع الأدبي على التنويه بمن يفوز بهذه الجائزة في مجال الأدب باللغة الفرنسية. و تعود الكثير من مواطني دول يتميز أحدهم بالحصول على ” الكونكور” بالتعبير عن تقديرهم للفائز الذي يفتح باب ثقافة بلاده للناطقين بلغة موليير. تعتبر هذه الجائزة ذات بعد يتجاوز الحدود الجغرافية ليجسد أهمية التعبير بكل اللغات على مختلف الثقافات و كافة أشكال التعبير الأدبي. فاز الكاتب الجزائري كمال داوود بجائزة هذه السنة. فرح لتفوقه الكثير من الجزائريين و غير الجزائريين، و غضب النظام الجزائري لبلوغ هذا المواطن المبدع هذه الدرجة العليا من التميز. و لعل الكثير من النقاد و المثقفين اصابتهم دهشة كبيرة أمام موقف رسمي يحرم الكلام عن تفوق إبداعي. جاءهم الخبر اليقين من عمق الفكر الإنساني. قرر الكابران، و سانده تابعوه ممن باعوا الضمائر، و أصروا على الأهم هو فوز ” البوكسر أيمن أو إيمان”، و كلاهما ” مذكر لغة” ، في غياب تقرير طبي يفضح المستور.
و تستمر لغة السيطرة على كل المجالات و حتى في إفتتاح معرض الكتاب بالجزائر. توجد فئة تجيد التعامل مع الإبداع الثقافي في الجزائر، و لكنها تعترف بقوة الضغط السياسي على سطور و كلمات و تعبيرات الكتاب. تسكن هذه الفئة الواعية أهمية بالثقافة روح الإبداع و تدفعها الظروف إلى ” الانحناء” قليلا لعنف السلطة. و يظل الإبداع الأدبي خلاقا في مواجهة ظلمات العنف المؤسسات و الطبقات و الايديولوجيات و الهمجيات بصفة عامة. وسيظل سؤال الخوف من تفوق الكاتب كمال داوود مثيرا بكل المقاييس. لماذا يمنع الجاهل بالإبداع احتفالا بالإبداع…
نجاح الإبداع يبدأ في العمل على إبداع طرح سؤال عميق و بسيط في نفس الوقت. قال الكاتب في إحدى تصريحاته أن يخاف من ذلك اليوم الذي سيكشف فيه القراء و زملاؤه أنه لا يتقن الكتابة. و لكن كمال داوود، صاحب جائزة ” الكونكور” أجاد طرح السؤال و أجاب بتواضع عن حيثيات مرحلة ” الإرهاب المنظم و الرسمي” الذي عرف بالعشرية السوداء في دولة جينيرالات صنعتهم سلطات الإستعمار الفرنسي. و وصف الصحافي الجزائري، هشام عبود ، و الذي أفلت من عملية اختطاف في إسبانيا، النظام، بمافيا الجينرالات.
و ستظل الكتابة التي تبدع في تحليل الواقع عدوة أعداء الحقيقة. و سيظل الكتاب و المؤرخون و الفنانون أعداء من سيطروا على السلطة و البترول و العقول منذ انقلاب بوخروبة على بن بلة منذ سنة 1965. و يستمر العداء المستشري في جسم و عقل الكابرانات كمرض عضال لن يشفيه إلا انعتاق شعب الجزائر بكل الوسائل المتاحة. و توجد الثقافة و الوعي بأهمية التغيير على رأس هذه الوسائل. شكرا لكل كلمة كتبتها بحب لبلدك الجزائر يا كمال داوود. و لنا موعد لبناء مغرب كبير يحتفل بالحريات و الإبداعات. و هنيئا لكمال داوود بإيصال حقيقة، و لو كانت نسبية، إلى أعلى درجات التعبير الأدبي.