آخر الأخبار

مهرجان الملحون و الأغنية الوطنية

الدورة التاسعة لمهرجان: الملحون والأغنية الوطنية دورة الأستاذ الباحث: الدكتور عبد العزيز اعمار  مراكش من 22 إلى 26 أكتوبر 2024

لم يكن حدث إدراج فن الملحون في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لليونسكو ليمر دون الوقوف عند تداعياته حاضرا، والتفكيرِ في استثمار هاته الحظوة الدولية في المستقبل القريب؛ فبعد موافقة اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو يوم 6 دجنبر 2023 بدولة بوتسوانا على طلب المملكة المغربية بإدراج فن الملحون في لائحة التراث الثقافي غير المادي للبشرية، وكما جاء في منطوق الإعلان عن الخبر – حينذاك -، بأن فن الملحون هو فن شعري، موسيقي، شعبي مغربي؛ عملت جمعية الشيخ الجيلالي امثيرد، وكما دأبت على ذلك منذ تأسيسها سنة 1970، على تسطير برمجة فنية وثقافية تستلهم الكثير من التداعيات الممكن استثمارها في الأفق المنظور ومنها إبراز قدرة أدب وفن الملحون على تمثيل الحضارة المغربية والتعريف بها باعتباره مجلى ومظهر لِغنى هذه الثقافة وخصوبتها وتنوعها.

فتحت شعار: “إدراج فن الملحون في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية – تداعيات وتحديات”، تنظم جمعية الشيخ الجيلالي امثيرد الدورة التاسعة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية، دورة الدكتور عبد العزيز اعمار خلال الفترة الممتدة من 22 إلى 26 أكتوبر 2024 بالمدينة الحمراء، احتفاء بمساره العلمي والمعرفي. فالأستاذ عبد العزيز اعمار حاصل على دكتوراه من جامعة السوربون باريس 3 بأطروحة حول الشعر الملحون. يشغل منذ سنوات أستاذا للتعليم العالي، تخصص الأدب الشفهي بكلية اللغات والآداب والفنون- جامعة ابن طفيل- القنيطرة. كما أنه عضو اللجنة البيداغوجية لماستر “اللهجات العربية والأدب الشفهي في المغرب” وعضو تكوين الدكتوراه “اللغة والمجتمع”؛ حيث يشرف على عدد من الأطروحات حول الشعر الملحون. وفي إطار مهامه العلمية اضطلع بمهمة منسق فريق “الزجل والثقافة والأدب الشفهي”، وكذا منسق فريق “الملحون والزجل” بمختبر اللغة والمجتمع في نفس الكلية. كما أنه عضو هيئة تحرير المجلة الرقمية المفهرسة Langues, cultures et sociétés التي تصدر عن المركز الوطني للبحث العلمي والتقني بالرباط. بالإضافة إلى توليه، سابقا، مهمة مساعد مدير مجلة المناهل المحكمة التي تصدرها وزارة الثقافة المغربية. وقد صدر للمحتفى به العديد من المنشورات على المستوى الوطني والدولي.
أهمية إبراز قدرة أدب وفن الملحون على التعريف بالحضارة المغربية:
بعد هاته الحظوة الدولية غير المسبوقة، بدا ضروريا بالنسبة للمهتمين بالملحون اشتغالا وممارسة أن يعملوا على إبراز المظاهر الحضارية للمغرب عبر بوابة فن الملحون، فهو قطب الرَّحى، وأحد المراجع التي وثقت لهاته الحضارة الضاربة جذورُها في التاريخ. إنه أحد الأجزاء الحيوية من الثقافة المغربية، حافظ على حركيته ورونقه في إطار بنية شعرية متكاملة، كانت في كل محطة من تاريخها تُطور نفسها، تحت مظلةِ مُختلف التعبيرات الشعبية العفوية، والموسيقى المتأثرة بالعديد من الأنماط الفنية التي كانت أذن الشاعر تستجمعها، حتى وقفنا على محطات عَروضية غاية في الإبداع الشعري الرصين.
اتسم فن الملحون برونق فريد تجلى في تنوع أغراضه، وعمقه الثقافي، ليشكل هذا الاعتراف الدولي أفقا جديدا للتعرف علينا من الخارج عبر تراثٍ وثَّق لجوانبَ عدة من الحضارة المغربية التي تمثلت في العمران والعادات والتقاليد والهندام والمائدة المغربية بكل أصنافها… وما شابه، كما حمل رسائل معاصرة تستحق الاحتفاء والحماية، وتفتح الأفق للحفاظ على هاته الثروة اللامادية، واستمرار تأثيرها الإيجابي في المستقبل.
وفي ذات السياق، تتجلى أهمية فن الملحون بوضوح في توطيد الهوية الثقافية للمغرب، على اعتبار أنه حمَّال للكثير من الرموز الكثيفة الدِّلالات التي تعكس تاريخ وتراث المجتمع المغربي، كما يساهم في نقل التقاليد والقيم الاجتماعية من جيل إلى جيل، مما يثري الفهم العميق للعديد من الهويات المحلية في ظل التكامل والوحدة الوطنية. فلا غرابة أننا سنقف في مستقبل قريب في سياق

هذا الاعتراف الدولي، على الكثير من المشاريع الثقافية والفنية والتوثيقية والغنائية التي تدعو إلى المحافظة على فن الملحون، وتعميق البحث في مكوناته وقضاياه، قد يراها البعض منا على أنها ترف فني أو فرجة مجانية أو تزجية للوقت؛ بل إنها أكبر من ذلك: فالملحون أداة للتواصل والتفاعل الثقافي بين أفراد المجتمع، يمثل منبرا متحضرا للتعبير الفني عن القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية والحضارية … وما شابه، عبر بنائه لجسور متينة من التواصل الثقافي بين الماضي والحاضر، في سياق يحتفي بالحوار والتواصل في مجتمع مغربي عزز الكثير من آليات التفاعل بين الأجيال.
تداعيات إدراج فن الملحون في لائحة التراث اللامادي لليونسكو:
الأكيد أن إدراج فن الملحون في قائمة التراث اللامادي للبشرية لليونسكو، سترافقه تداعيات إيجابية سيكون لها الأثر المحمود على مكوناته الأدبية والفنية، وعلى المنتسبين إليه على مختلف مشاربهم، ومن هاته التجليات المحتملة نذكر ما يلي:
تحصين الوعي الثقافي بأهمية فن الملحون وترسيخه وطنيا je ودوليا:
+ نأمل بأن يتم تقوية الوعي بجدوى المحافظة على فن الملحون، وتطوير البحث في بعض مكوناته التي لا زالت عصية على الباحث، ومنها المبحث العَروضِي الذي يتطلب مزيدا من الاجتهاد والبحث، كما أن المدخل الموسيقي هو الآخر لم يصل بعد إلى الحركية العلمية التي وصلها المدخل الشعري والأدبي؛
+ إن هذا الاعتراف الدولي عبر منظمة اليونسكو، سيجعل من هاته الأخيرة، ومن وزارة الثقافة، المغربية، وأكاديمية المملكة المغربية، وبعض الجمعيات والمؤسسات الوطنية الجادة، والأفراد ذوي الخبرات والاختصاص في الميدان، منصات موثوق بمخرجاتها لنقل تفاصيل أعمق حول الملحون، وتأثيره على الحياة اليومية في المغرب؛
ب – تعزيز السياحة الثقافية وطنيا ودوليا في ارتباطها بفن الملحون:
+ يفتح الاعتراف الدولي بفن الملحون أبواب السياحة الثقافية على آفاق رحبة، فالمتوقع أن يتنامى فضول زوار العالم لاكتشاف هذا التراث الفني الفريد، خصوصا وأن الطفرة التكنولوجية العالمية قادرة على لعب أدوار طلائعية في هذا المضمار؛
+ نأمل أن تسهم هذه الحظوة الدولية في تطوير قطاع السياحة الثقافية المغربية عبر جذب المزيد من الزوار للمهرجانات التي تعنى بفن الملحون على غرار ما شهدته مدينة الصويرة عقب تسجيل الفن الكناوي في لائحة اليونسكو للتراث اللامادي للبشرية؛

ج- تعزيز التفاعل الثقافي مع دول العالم:
+ يمكن أن يؤدي إدراج الملحون في لائحة اليونسكو للتراث اللامادي إلى دعم التفاعل الثقافي بين المغرب والمجتمع الدولي؛
+ على المستوى الوطني، يمكِّن هذا الإنجاز من فهم أعمق لبعض المظاهر الثقافية المغربية والتفاعل معها، مما يوطد التبادل الثقافي بين مختلف المشارب الاجتماعية المغربية، وفهم المجتمع المغربي؛
د- دعم المحافظة على فن الملحون في سياق المحافظة على التراث العالمي:
+ يُرتقب تيسير المزيد من الدعم المادي والمعنوي واللوجستي لجهود الحفاظ على الملحون في ارتباطه بالكثير من الأنماط الفنية المغربية الأخرى؛
+ كما يرتقب تقوية الوعي الدولي بأهمية المحافظة على فن الملحون كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي العالمي؛
+ رقمنة تراث الملحون (وثائق ـ أرشيفات ـ قطع متحفية لآلاته ـ معالم جغرافية شهدت إنتاجه وإنشاده…) أي حفظ ذاكرة الماضي وتراث المستقبل.
هـ تأثير اقتصادي:
+ يُتوقع أن يحمل الاعتراف الدولي فرصا اقتصادية من خلال دعم الجمعيات المشتغلة على فن الملحون، ودعم المهرجانات الملحونية، ودعم الأفكار القادرة على إبراز أهمية هذا التراث؛
+ يمكن لهاته الحركية الدولية أن تُسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي والوطني على السواء، عبر تثمين الصناعات الثقافية والفنية؛
على سبيل الختم:
إن جهود جمعيتنا، الشيخ الجيلالي امثيرد، إنما تنم عن إدراكنا الواعي بقيمة فن الملحون الثقافية والفنية، وإيماننا العميق بالدور الحضاري والإنساني لهذه الثقافة بأصالتها ورصانتها وقوميتها.
إن مهرجان الملحون والأغنية الوطنية في دورته التاسعة ـ أكتوبر 2024 يرنو من خلال برمجته الفنية والثقافية إلى إثارة النقاش العميق والجاد حول هاته التداعيات في ارتباطاتها المختلفة، فمن شأن ذلك أن يسلط الضوء على أهمية حدث إدراج فن الملحون في لائحة منظمة اليونسكو للتراث اللامادي للبشرية.

وإذا كنا في جمعية الشيخ الجيلالي امثيرد نستبشر خيرا بما حظي به أدب وفن الملحون اليوم من رعاية دائمة والتفاتة كريمة موصولة من منظمة اليونسكو ومنظمة الإيسيسكو، فإننا نسعد بالرعاية المولوية الكريمة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس – حفظه الله – لفعاليات مهرجان الملحون والأغنية الوطنية في كل دوراته، تثمينا لجهودنا، وتحفيزا لكل القائمين على هذا المشروع الفني والثقافي؛ كما ننوه بما يُقدَّم من دعم وتآزر من شركائنا المحليين في كل دورة من دورات المهرجان، وهم على التوالي: المجلس الجماعي لمدينة مراكش؛ مجلس جهة مراكش – آسفي؛ ولاية مراكش؛ وزارة الثقافة؛ جامعة القاضي عياض؛ كلية اللغة العربية؛ مدينة اللغات والثقافات؛ جمعية الأطلس الكبير؛ إدارة مسرح ميدان؛ إدارة مؤسسة أريحا المواطنة؛ مركز الناقد؛ كل وسائل الإعلام المحلية والوطنية؛ وكل الذين كان لهم حضور فعلي في دعم هاته التظاهرة الفنية الكبرى بالمدينة الحمراء.
وأخيرا، فقد حرصت إدارة المهرجان – كعادتها – على تنويع فقرات ومواد المهرجان التي تضمنت هاته السنة أمسيات موسيقية، ونشاطا اجتماعيا، وندوةَ المهرجان العلمية، وإصدارات ثقافية علمية، وتكريم لثلة أثيرة من رجال الفكر، والعلم، والفن.
“فأمَّا الزَّبَدُ فَيذهَبُ جُفَاءً، وَأمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ”. صدق الله العظيم.
وعلى الله قصد السبيل، وهو المستعان والموفِّق.

 

 

البرنامج العام لفعاليات المهرجان – مراكش من 22 إلى 26 أكتوبر 2024

الأمسيات الموسيقية –
الليلة الأولى من المهرجان: بمسرح “ميدان” Marrakech
-A M – Avenue Théâtre du Meyden – الأمسية الأولى لفن الملحون – الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 على الساعة السابعة عشية، وهي ليلة تكريم الأستاذ الباحث، الدكتور عبد العزيز اعمار؛ ستحييها النخبة الوطنية لفن الملحون تحت قيادة المايسترو والأستاذ محمد الوالي والشيخ الحاج امحمد الملحوني. سيستمتع جمهور المهرجان بأصوات الفنانات والفنانين: ماجدة اليحياوي من الرباط، سعيدة ضياف من مراكش، الشيخ إدريس الزعروري من مكناس، الحسين اكعير من مراكش، محمد وارثي من مكناس، والشيخ عبد العالي ابريكي من أرفود؛
الليلة الثانية من المهرجان: بمسرح مؤسسة أريحا 2 – الأمسية الثانية لفن الملحون – الأربعاء 23 أكتوبر 2024 على الساعة السابعة مساء، وهي ليلة تكريم المهندس محمد ولي الدين عضو مكتب الجمعية، ستحييها النخبة الوطنية لفن الملحون تحت قيادة المايسترو والأستاذ محمد الوالي والشيخ الحاج امحمد الملحوني، وأصوات كل من: الشيخ الحاج امحمد الملحوني من مراكش، الشيخ عبد اللطيف التوير من مكناس، مولاي إسماعيل إدريسي من مراكش، إسماعيل اجهيدة من مراكش، الشيخ عبد الهادي بن غانم من سلا، وعبد الرفيع بنونة من فاس؛
الليلة الثالثة من المهرجان: ليلة الوفاء لروح الشيخ أحمد بدناوي – رحمه الله – بمسرح مؤسسة أريحا 2 – الأمسية الثالثة لفن الملحون – الخميس 24 أكتوبر 2024 على الساعة السابعة والنصف مساء، في ضيافة النخبة الوطنية لفن الملحون تحت قيادة المايسترو والأستاذ محمد الوالي والشيخ الحاج امحمد الملحوني، وأصوات كل من الفنانين: الشيخ محمد العمداوي من مراكش، الفنانة ماجدة اليحياوي من الرباط، مهدي حارث من مراكش، حسن عشير من مراكش، إسماعيل بوعابد من مراكش، وحليمة امريدة من مراكش؛ هذا وستعرف هاته الليلة تكريم الأستاذ الباحث محمد بوعابد؛
الليلة الخامسة من المهرجان: بمسرح “ميدان” Marrakech
-A M – Avenue Théâtre du Meyden – أمسية الموسيقى العصرية المغربية والعربية – السبت 26 أكتوبر 2024 على الساعة السابعة ليلا، وخلالها يرافق الفنان عبد الرفيع بنونة والفنانة سعيدة ضياف فرقة جسور تحت قيادة الأستاذ والفنان يوسف قاسمي جمال؛

الأنشطة الثقافية والتربوية والاجتماعية:
صبحية لفائدة نزلاء دار البر والإحسان، وذلك صبيحة يوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 بمقر المؤسسة؛
حفل توقيع ثلاث مؤلفات لكل من الأستاذ عبد الرحمن الملحوني، الدكتور السعيد بنفرحي، والأستاذ أنس الملحوني، بقاعة ندوات مدينة اللغات والثقافات بكلية اللغة العربية، الخميس 24 أكتوبر 2023 ابتداء من الرابعة عصرا، بمشاركة كل من السادة الأساتذة: الأستاذ محمد بوعابد، الدكتور عبد العزيز أبايا، الفنان أحمد الباهري. يدير هذا اللقاء الأستاذ نور الدين الصوفي الدرقاوي؛
ندوة المهرجان – الجلسة الأولى: مدرج العلامة المختار السوسي بكلية اللغة العربية، الجمعة 25 أكتوبر 2024 ابتداء من الساعة الرابعة عصرا. يفتتح الجلسة السيد عميد كلية اللغة العربية الدكتور أحمد قادم، ويترأس الجلسة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الدكتور عبد الجليل الكريفة؛ مقرر الجلسة: د. أنوار أصبان؛ الندوة عبارة عن قراءات، وأبحاث، ودراسات في الشعر الملحون، بمشاركة السادة الأساتذة: د. أحمد زنيبر؛ د. منير البصكري؛ دة. حنان بندحمان، ذ. نور الدين شماس، د. السعيد بنفرحي، د. عبد العزيز أبايا، د. عز الدين المعتصم؛
ندوة المهرجان – الجلسة الثانية: مدرج العلامة المختار السوسي بكلية اللغة العربية، السبت 26 أكتوبر 2024 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا. يترأس الجلسة الدكتور منير البصكري. مقرر الجلسة: ذ. كمال أحود؛ الندوة عبارة عن قراءات، وأبحاث، ودراسات في الشعر الملحون، بمشاركة السادة الأساتذة: د. مولاي علي الخاميري؛ ذ. عصام الامحراك؛ د. محمد مسرار، ذ. لشعل عز الدين، ذ. عبد الله المعاوي، د. مصطفى البوعزاوي، وقد تم جمع وطبع أعمال هاته الندوة في مُؤلف جماعي شكّل العدد المزدوج العاشر والحادي عشر لمجلة التراث المغربي الأصيل، سيُعرض خلال فعاليات المهرجان، ويُقدم هدية للمحتفى به الدكتور عبد العزيز اعمار.