عبد الصادق شحيمة
موال أطلسي للكاتبة سعيدة عفيف : بين سموق معمارية النص الموازي وغور مكونات ومرجعيات السرد.
سموق معمارية النص الموازي:
يتم عموما التمييز بين مناصين المناص النشري الافتتاحي (مناص الناشر) paratexte éditorial يتضمن هذا المناص كل الإنتاجات الناصية التي ترجع مسؤوليتها للناشر (دار النشر) المساهم في صناعة الكتاب وطباعته، وهو مناص يتضمن نصين: نص محيط يشمل (الغلاف – صفحة العنوان -كلمة الناشر) ونص فوقي نشري ( الإشهار – قائمة المنشورات – الملحق الصحفي لدور النشر).
والمتصفح للصفحات الأربعة الأولى يلحظ غيابا كليا لهذا النوع من المناصات، يترك القارئ يتساءل عن عوامل وأسباب هذا الغياب وهي في نظري متعددة (وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها)، ودون أن أنكي جراحا، أود فقط أن أتساءل: هل يمكن أن نتحدث عن نجاح صناعة ما، يغيب ركن من أركانها، والكتاب في جوهره صناعة، وأقصد هنا بالنجاح وصول الكتاب إلى القارئ، (الجانب التداولي ممن وإلى من أو العملية التواصلية التداولية (مرسل – رسالة – مرسل إليه) .
أعتقد بأننا جميعا نتفق على الإجابة، وهنا أو د الإشارة إلى التضحيات الجسام التي يقوم بها مجموعة من المؤلفين المغاربة عبر الطبع على نفقاتهم الخاصة في غياب أية جهة داعمة وفي مقدمتها وعلى رأسها وزارة الثقافة.
إن رواية (موال أطلسي) للكاتبة سعيدة عفيف لن تكون استثناء يخرج عن هذه القاعدة العامة وإنما يؤكدها، مما يشرع الباب أمام العديد من التساؤلات، إضافة إلى التفكير المصحوب بجرأة لتقديم بدائل لهذا الواقع الثقافي المزري.
أما عن النوع الثاني من المناصات فهو المناص التأليفي (مناص المؤلف) paratexte auctorial ++- وهو مناص ترجع مسؤوليته للمؤلف، وهو الآخر ينقسم قسمين: النص المحيط التأليفي (اسم الكاتب/ة -العنوان الرئيس والفرعي – العناوين الداخلية-الاستهلال -المقدمة – الإهداء – التصدير -الملاحظات – الحواشي – الهوامش) والنص الفوقي التأليفي وينقسم هو الآخر إلى قسمين عام وخاص.
1-اسم الكاتبة:
يظهر اسم سعيدة عفيف في صفحتي الغلاف الواجهة الأمامية والواجهة الخلفية، والأسماء كما يقول جيرار جينت ثلاثة: الاسم الحقيقي للكاتب أو الكاتبة onymat، والاسم المستعار pseudonymat والاسم المجهول (إذا لم يدل على أي اسم) anonymat واضح أن الكاتبة استعملت اسمها كما هو منصوص عليه في حالتها المدنية، لكن الفرق بين الواجهتين هو ارتباط الاسم في الواجهة الخلفية بجملة – صدر لها ديوان شعر بعنوان ريثما 2014، ومجموعة قصصية بعنوان (في انتظار حَبّ الرّشاد) 2015، وهو في نظري إشهار / إعلان، من مهام المناص النشري في النص الفوقي النشري أي من مهام الناشر وليس الكاتبة، إنه من جهة أمر مشروع في غياب الناشر ، ومن جهة ثانية إعلان عن جواز سفر يحمل هوية ثالثة هي سعيدة عفيف الروائية، بعد سعيدة عفيف الشاعرة، وسعيدة عفيف القاصة، إن الإعلان إياه هو إقصاء للنوع الثالث من الأسماء (الاسم المجهول) في هذا الجنس الأدبي والمسمى تحديدا بجنس الرواية.
ربما هكذا تبدو ظواهر الأشياء في إطار الارتباط بالمناصات والاعتماد على تواريخ إصدارها، وهو ما تؤكده أخبار في بعض الصحف كما هو الشأن بالنسبة للخبر الآتي:” عن مطبعة مراكش للنشر صدرت للشاعرة والقاصة سعيدة عفيف رواية من الحجم المتوسط بعنوان موال أطلسي “.
إلا أنه وبالرجوع لمجلة اتحاد كتاب الأنترنيت المغاربة نجد أن الكاتبة نشرت الرواية إلكترونيا بتاريخ 26/01/2012، وبناء عليه تصبح هوية الكاتبة سعيدة عفيف: روائية – شاعرة – قاصة. وهو ما يتركني أتساءل عن الأصل في الكاتبة وهويتها الأجناسية الأدبية، بمعنى آخر ما أسباب وعوامل هذا الترحال من الرواية إلى الشعر ومنه إلى القصة أو من الشعر إلى القصة ومنها إلى الرواية. يمكن أن ننتقل بالمسألة إياها من حالة خاصة إلى ظاهرة عامة، ويمكنني في هذا الإطار أن أقدم بعض الأمثلة الشبيهة كما هو الشأن بالنسبة للطبيبة فاتيحة مرشيد (الملهمات – الحق في الرحيل -انعتاق الرغبة – الديوان الشعري -ما لم يقل بيننا): وكما هو الشأن بالنسبة للراحل محسن أخريف ( في الشعر: ترانيم للرحيل – حصانان خاسران – ترويض الأحلام الجامحة – ديوان مفترق الوجود) في الرواية (شراك الهوى وفي القصة حلم غفوة).
هل الأمر يتعلق بتجربة في الكتابة أو حداثتها، لا تعترف بوضع حدود جغرافية أو حواجز بين الأجناس وأنواعها الأدبية،أو يتجاوزه إلى انصهار وذوبان هوياتي يستعصي معه التصنيف.
رحلة أخرى تنم عن أفق آخر رحب هي رحلة الكاتبة من الأدب الفرنسي إلى الأدب العربي تطرح هي الأخرى العديد من الأسئلة، وأجدني أرى أن الإجابة عنها لن تكون سوى إغناء المنجز الإبداعي الذي تشرف منه الكاتبة، وتشرف به نون النسوة. الرحلة تجدد، ضخ لدماء بكريات جديدة.