عبد الصادق شحيمة
موال أطلسي للكاتبة سعيدة عفيف : بين سموق معمارية النص الموازي وغور مكونات ومرجعيات السرد.
الحب المنبعث من التعلق بالمكان ،المهيمن على الزمان المتصدع في أرجاء النفس والمستحضر لقلق مالارميه في قصيدته قلق ص129 موال أطلسي .
في الفصل السادس عشر ،تصبح حليمة الوجه الآخر للموال “حليمة أنت قدر وشم قدري باللهب بماء من نار .أنت موال أطلسي حزين عنيف يسكنني ويملأني ،وأنا لوحتك عالقة دون روح لو تعلمين ،فأزيلي عني تشوه الألوان والمعالم وفكي رموز اللوحة حتى تقرأني أرواح ثملة بحب الإنسان ” ص129
الوطن عبر أطلسه الشامخ ،والمرأة / حليمة عبر لوحاتها والمختار عبر انعكاس موال الوطن وموال المرأة ،موال بدوره ،الكون كله مواويل .تشمله الأصوات الحزينة ،إنه التأكيد الذي جاء على لسان حليمة في الفصل ما قبل الأخير في رسالة لها تقول ،” وقد تجد هذه الأخيرة (دروب الحياة )لنفسها منعطفات مغايرة ومواويل يحلو معها الرقص طربا ” ص 171 .
يبدو من خلال هذا السفر ،الترحال في جسد النص بحثا عن موطن ومكان مفتاح أسرار ودلالات تكتنف العنوان يرتبط بموال المختار على لسان الأطلس ،وبصوته وحنجرته ،وبحليمة وقد حلت محل الموال ،فاصبحت هي الأخرى موالا أطلسيا ،لعبة الإسناد في العنونة تجيلنا على موضوعتين وعلاقتين :
موضوعة الوطن وما يجسد الشموخ فيه وعلاقة المختار به ،وموضوعة المرأة وعلاقته بها كذلك .تظهر وقائع وأحداث الرواية تجليا من تجليات الارتباط بالمكان مجسدا في القرية يرشح شغفا وحبا وحميمية ، لا تقل عن تلك التي يخفيها المختار بين ثنايا قلبه لحليمة ،فما الذي حدث حتى تحول ذلك الحب إلى موال أنواء وفواجع ووحدة قاتلة ،لماذا اختار الإقامة في الصبا دون غيره من المقامات ،لماذا يمتزج الصوتان ويطاوعهما الدمع ،لماذا كانت المواويل جارحة ووجودية تستحضر الحياة والموت ؟بعيدا عن الوظيفة التعيينية والتعريفية للعنوان والتي لا تنفصل عن بقية الوظائف الأخرى أخلص إلى القول أن عنوان الرواية يجسد وظيفتين أساسيتين :
الأولى وصفية يقول العنوان من خلالها شيئا عن النص ،والثانية إيحائية قاربنا بعضا من دلالاتها في الأسطر السابقة ،ونوجزها في أن الموال صرخة في وجه أي شكل من أشكال الظلم أيا كانت تلاوينه ،صرخة من جبل شامخ شاهق شاهد على ضحايا جلدوا مرتين :من طرف الطبيعة أولا ومن قبل الإنسان ثانيا .موال الأطلس وما يخلفه من صوت وصدى ،إعلان وتمرد ورفض للعدوان الإنساني أيا كان مصدره.