إدريس المغلشي
احتكر مول البرلمان كل شيء في ظل غياب رادع يعيده إلى جادة الصواب ووضعه الحقيقي والاعتباري بل اصبح يخبط خبط عشواء في كل الإتجاهات لم يعد يوقفه لارادع أخلاقي ولاقانوني، لو شئنا تعداد زلاته وسقطاته لوجدنا انفسنا أمام ظاهرة فريدة أبدعت في الاساءة في كثير من المناسبات واصبحنا امام سؤال مهم من يقف وراء وقاحة وسطوة هذا الرجل؟ بل هناك من اعتبر تطاوله على القانون بشكل فج إساءة بليغة من كل النواحي للمؤسسة العمومية ،لم تعد القبة التشريعية الأولى تناقش فيها شؤون الأمةويمارس التداول السياسي الحر والحقيقي الهادف الذي يعكس نبض الشارع لقدولى زمن رجال السياسة حين كان صوتهم مجلجلا بالأفكار الوجيهة التي تهز أركانه حين كان المرحوم علي يعته بحرصه المعهود على ضبط اللغة حتى لاتسقط في الركاكة واللحن والأستاذ محمد الخليفة وهو يشرح ملتمس الرقابة امام وزير الداخلية انذاك ادريس البصري ومرافعات ساخنة لفتح الله ولعلوالتي ملأت جنبات البرلمان في قراءة اقتصادية رصينة للواقع وقس على ذلك من النخب السياسية التي قد تأسرك طيلة زمن البث دون ملل ولاكلل وانت تسمع خطابا سياسيا ومقارعة الأفكار بمستوى عالي . كل هذه الصور من الزمن الجميل اختفت بعدما احتل حزب المال والسلطة الفضاء ونصب على رأس هذه المؤسسة شخصية منذ توليها وهي تحدث لغطا كبيرا وتثير عواصف لم تهدأ. لعل ابرزها ما استنكره عموم المهتمين بالشأن السياسي من خلال شطحات مفضوحة وماوثقته الأحداث السابقة من قبيل عدم ضبط عدد المصوتين بين 199العدد الحقيقي و210التي نفخها الطالبي العلمي على هامش التصويت على قانون الميزانية نونبر2021 أي بعد شهرين من توليه فقط دون ان ننسى تطاوله على تقرير المجلس الأعلى للحسابات يونيو 2023 في تنافي صارخ مخل بدوره .
لاتخلو سنة تشريعية من سقطاته الكثيرة والمستفزة لعل آخرها ماوقع من اشارة بليدة محدودة الفهم ومسيئة لقائلها من حيث الإشارة والتفسير بعدما تطاول على موقف نقابي لم يفهم لا مغزاه ولامراميه. فعوض الحرص على ضمان حضور اغلبية حزبية في محطة مفصلية تهم التصويت على قانون اثيرحوله لغط كبير ويحتاج لانضباط ونقاش موضوعي لجأ كعادته لتصدير الأزمة للآخرين بافتعال فاقد للبوصلة . لقد ظهر رئيس مجلس النواب في موقف حرج جاهلابمفردات لاقبل له بها وهو يرتكب خطيئة وإساءة بالغة في التعبير وسوء التقدير حين يرمي نقابة عبرت بموقف واضح عن رفضها للقرار في قراءة واقعية لعملية تصويت غير متكافئة وهي تفضل عدم المشاركة في تصويت مهزلة بالانسحاب الموقف الذي لم يستوعبه الطالبي ولم يقرأه جيدا وعوض البحث عن اسباب ودواعيه من اكبر نقابة تمثل الطبقة العاملة لجأ للاسف إلى أسهل طريقة يجيدها بشكل غير محسوب ولامقدر وذلك بنعثها بالخيانة دون ان يعي حجم الكلمة ولاوقعها لكن ماعسانا أن نفعل أمام ظاهرة مشكلة أحدثت كثير من القلائل في السياسة .
الانسحاب ايها الغوغائي درجة راقية من التعبير على موقف ورفض مبدئي للانخراط في النقاش حول موضوع مختلف حوله حري بمن يديره ان يلتقط الإشارة من أجل امتلاك قدرة الإقناع لدفع الآخرين للمشاركة فيه عوض رجم الناس بالغيب والقاء اللوم عليهم دون البحث عن حلول للاشكال .أما خيانة الوطن فنكتفي بالقول( كل إناءبمافيه ينضح ) والفاهم يفهم .