عندما تبني حكومة، في هذا الوقت، ميزانية الدولة على فرضيات قديمة قدم الحكومات المغربية، اي المحصول الفلاحي وسعر البترول ومعدل النمو، فاعلم ان الجمود المرادف للجهل هو الذي يتحكم في القرار والبرمجة في هذا البلد، واعلم ان وزير المالية لاياتي باي اضافة لتغييرما هو مالوف وان القانون التنظيمي لقانون المالية الجديد، المفروض ان يمر الى المرحلة الثالثة على مستوى التطبيق، يبقى في النهاية مفارقا للروتين والتكرار المالوفين في وضع الميزانيات. سؤال الكفاءة يطرح نفسه على هذا المستوى، اذ ان تسيير بنك لايؤهل لوضع سياسة دولة، وقوانين المالية تكتسي اهمية قصوى بالنسبة للدولة والمجتمع، او تدبيرها في شروط عالمية ووطنية تتطلب ذكاء استراتيجيا وسياسيا واعمالا لادوات الذكاء الاقتصادي وليس مجرد معرفة تقنية لانحتاج لوزير لو كانت هي الاهم.
توسيع دائرة الفرضيات المعتمدة، بالفعل وفي التصريح، يقتضيه تغير المعطيات الوطنية مند سنوات، وتغير موجهات وضع مشاريع قوانين المالية، واعتماد البرمجة المتعددة السنوات cdmt، والحاجة الماسة الى تحمل رئيس الحكومة لمسؤوليته، اذ ان وضع مشاريع قوانين المالية اختصاص اصيل من اختصاصاته التي يفترض ان تفويضه له لوزير المالية يبقى جزئيا وتدبيريا، لمسؤوليته في تنسيق السياسة الاقتصادية والسرياسات العموم. لا اريد الخوض في الفرضيات الواجب اعتمادها في هذه التدوينة لسبب. فغالبا ما يقفز على اجتهادات غيرهم من يفتقدون للقدرات والكفاءات لجني الارباح بسهولة.
وفي اللحظة التي نمر بها، والتي يدخل ضمن مكوناتها الطقس، فان الفرضيات التي ساقتها الحكومة تتعلق بما لاتتحكم فيه ولا يمكن لها توقعه، ومعناه اننا امام “الخاوي فالخاوي”. حكومة لاتاخذ بعين الاعتبار عالما يمور ويهدده الركود وخطر تراجع كبير للطلب الخارجي على المنتجات المغربية وتراجع التحويلات الخارجية، بما يلزم من صرامة التحليل، ولا تاخذ بعين الاعتبار ايضا تقلص السوق الداخلية المحتمل نتيجة تقلص استهلاك الاسر، الذي يبقى محددا اساسيا للنمو، ولا تستحضر فجوة تمويل الاقتصاد التي يمكن ان تتفاقم نتيجة احتمال تراجع التحويلات الخارجية وتصلب الاوليغارشية البنكية، التي لاتخيفها السيولة الزائدة، وعمى السياسة النقدية التي تدور في الحلقة المفرغة لاستهداف التضخم في وقت يهيمن فيه اتجاه لاتضخمي….الخ، حكومة لا تقيم هذه الامور وغيرها تقييما موضوعيا يستحضر الظرفية وينفتح على المدى المتوسط والبعيد هي حكومة تسير بالبلاد الى ازمة غير مسبوقة، ومشروعها يبين حدود افقها واستسلامها للتكرار.
هاني فين قلتها ليكم. السنة القادمة ستكون من اصعب السنوات على الاقتصاد والمجتمع. وسيصبح قانون المالية بعد الموافقة عليه وثيقة ميتة، مع العلم انه ترسخ تقليد عدم اللجوء الى قوانين المالية التعديلية في كل الظروف، وسيتباكى بعد ذلك من يتباكى من هؤلاء الذين تم اختيارهم من ضمن الكفاءات، ومنهم من ينشغل بماء الوضوء اكثر من السياسة والاقتصاد اللذان لا”يقشع”فيهما شيئا، ولو فرض عليه التفكير فيهما لاشتكى من “اشقيقة” وطلب البراستامول او المخينزة .
محمد نجيب كومينة/ الرباط