انتبهت إلى النقاش والخلاف الذي ساد في هذا الفضاء الرحب إثر خبر موت الرئيس المصري السابق ” مرسي”…لست منتمية إلى حزب سياسي، ومن تمّ أتحدث، دائما، من موقعي كمثقفة مغربية، تستشعر الحاجة إلى مشاركتكم الفهم والنقاش.
1 – شعرت بالألم كإنسانة حين علمت بالخبر وظروفه، الخلاف الفكري والسياسي مع الآخرين لا يجب أن يفقدنا إنسانيتنا والقيم المرتبطة بها، وعلى رأسها توفير شروط المحاكمة العادلة لأي إنسان، وأيا كانت التهم الموجهة إليه.
2- الرئيس السابق ” مرسي” من حزب الإخوان المسلمين بالفعل، ولكنه، أيضا، ضحية لهم، إذ أنه لم يكن مؤهلا للحكم، بل إنّ المؤهّل الأكبر كان هو رجل المال والقيادي الإخواني ” خيرت الشاطر”، ولكنّ توفره على الجنسية الأمريكية حال دون ذلك قانونيا، فدفع بأضعف القياديين، أي مرسي، إلى الواجهة. كان هذا الأخير جاهلا بالسياسة ودواليبها، وكانت أوّل كلمة توجّه بها بعد انتخابه إلى المصريين هي: ” إخواني وعشيرتي”، الشيء الذي استاء له أغلبهم، لأنّ الرئيس يتوجه إلى “إخوانه” دونهم، فضلا عن الأخطاء الدستورية التي ارتكبها….
3- الإخوان المسلمون لم يساهموا في اندلاع الثورة الشعبية في مصر، وتحفظوا في بدايتها، لأنهم تعاملوا مع النظام السابق، لم يقاطعوا انتخاباته، وكانوا متفقين ضمنيا على مسألة ” التوريث”… لكنهم، وبقوتهم التنظيمية، سطوا على الثورة عندما تبيّن لهم أنّ نظام ” مبارك” سينتهي بالفعل.
4- الشباب المصريون، وشباب حركة ” كفاية” بالذات، التي تأسست سنة 2005، هم الذين قادوا الثورة الشعبية في بداياتها، ونظموا ” ميدان التحرير”، وزودوه لأيام طويلة بسائر الخدمات، بما فيها الطبية، لأنهم كانوا من كل التخصصات…لن أنسى أبدا النقاش الذي دار ذات ليلة رمضانية حتى الفجر على شاشة ” دريم”، بين الشباب والقادة العسكريين، في البرنامج الذي كانت تقدمه الصحفية اللامعة ” منى الشاذلي”…كان وعي الشباب عميقا إلى حدّ الإبهار…اختفوا جميعهم، وأغلبهم في السجون الآن، شُوهت سمعة ” منى الشاذلي” في إطار علاقتها بهم، وعادت إلى الشاشة لتقدم برنامجا فنيا لا علاقة له بالسياسة من قريب أو بعيد.
5- هل كان مرسي اوّل رئيس انتخب ديمقراطيا في مصر؟ نعم ولا. نعم، لأنه حصل على أغلبية الأصوات، ولا، لأنّ الاختيار كان بينه وبين قائد عسكري سابق للطيران، أي ” شفيق”، ولذلك صوّت المصريون على أهون ” الشرّين”…
6- سيتكفل التاريخ بتفسير الأمور أفضل مما فعلت، ولكن ما يجب التأكيد عليه، هو أنّ الصراع بين الإخوان والجيش في مصر، أبعد ما يكون عن صراع المبادئ، بل هو صراع حول السلطة بالأساس، وسيظل كذلك ما لم يصلا إلى توافق، وما لم يقتنع ” الإخوان” بأنهم لن يصلوا إلى ما يسمّونه في أدبياتهم ب ” التمكين”، إذا لم يحصل هذا التوافق. رحم الله الرئيس ” مرسي”.
تلك مجرد أفكار شئت اقتسامها معكم أيها العزيزات والأعزاء في هذه اللحظة، شكرا لكل من مرّ عليها وأولاها انتباها، معذرة على الإطالة. مع خالص المودة والامتنان.
فاطمة الزهراء ازرويل.