هبوط اسعار البترول في السوق الدولية نتيجة استعمال بعض الدول لمخزونها، من قبيل الصين والهند وبريطانيا واليابان، و الخوف من تاثير ظهور المتحور الجديد على النمو والنشاط الاقتصادي وتبادل السلع دوليا يطرح على المغرب سؤالا كبيرا ومستقبليا يخص تطوير قدرات التخزين لمواجهة الازمات الطارئة او المستدامة عالميا او تقلبات السوق الدولية التي تتوالى بوتيرة غير مسبوقة. و لا يتعلق هذا السؤال بالقدرات التخزينية في الميدان الطاقي، التي تكتسي اهمية خاصة، بل وايضا ميادين اخرى كالغذاء والبدور والدواء وغير ذلك مما يعتبر من اساسيات الاستهلاك و الانتاج و الصحة العامة…، لانها تشكل مكونا رئيسيا من مكونات الامن الوطني بمعناه الشامل والاستراتيجي.
التوفر على قدرات تخزينية وعلى مخزون مهم من مختلف السلع الاساسية يكتسي اليوم، واكثر من اي وقت مضى، اهمية استراتيجية بالنسبة لكل الدول المسؤولة ليس فقط لتحاشي وضعيات النذرة، التي نرى اثرها في جوارنا، وما. يمكن ان يترتب عنها من مخاطر، بل لاكتساب قدر من الاستقلالية والمرونة في اتخاذ القرار والتدبير في مواجهة التقلبات والوضعيات الطارئة او حتى المناورات الخبيثة التي يمكن ان تلجا اليها بعض الاطراف بغرض اضعاف الوضع الدولي للمغرب والتاثير على وضعه الداخلي.
و في هذا السياق، لابد من الاشارة الى ان بعض المصالح المرتبطة بالاستيراد تحارب بقوة، وباستعمال النفوذ، تطوير القدرات التخزينية للبلاد و لا تمتنع فقط على انجاز استثمارات في المستوى المطلوب لتطويرها، وقد كان مثيرا جدا ماقام به لوبي استيراد المحروقات من ضغوط عندما تقرر كراء خزانات سامير وتكليف مكتب المعادن والهيدروكاربونات بتكوين مخزون بها وتسييره، ويمكن في هذا الاطار العودة الى تدخلات هذا اللوبي في موقع الامانة العامة للحكومة بهدف اسقاط المرسوم الصادر في هذا الشان، والاكيد ان هذا اللوبي، الذي استفاد من تحرير اسعار المحروقات بعد ازالة الدعم و التخلي عن المقايسة، ومارس نهبا ممنهجا لجيوب المواطنين ولمؤسسات الدولة فجر فضيحة 17 مليار درهم، التي لايمكن اغلاق ملفها هكذا بجرة قلم واقالة رئيس مجلس المنافسة السابق، اكيد ان هذا اللوبي لا يجد مصلحته في حل مشكلة مصفاة سامير، وبشكل يجعله حليفا موضوعيا للسعودي-الاثيوبي العامودي الذي يريد الانتقام و التازيم، و لا يرغب في الاستثمار في مصفاة جديدة تحتاجها البلاد حالا واستقبالا للا ستفادة من بعض اوضاع السوق الدولية المناسبة او من علاقات المغرب مع بعض الدول المنتجة للخام او ايضا للاستعداد لتثمين اي احتياطي يمكن ان يكتشف بالبلاد، كما لايرغب في مشروع تطوير انتاج الغاز المسال المطروح مند سنوات و المفروض ان يشكل بنية اساسية من بنيات ميناء الناضور .
هذا ما يطرح على الدولة، الان قبل الغذ، ان تتحمل مسؤولياتها كاملة سواء تعلق الامر بمسؤولية التقنين و الحد من غلو اللوبيات المصلحية التي لا تحسب للوطن وللمستقبل وانما تحسب لنفسها ولما يمكن ان تجنيه من ارباح، ولو بالمضاربة والنهب، او بمسؤولية الاستثمار فيما هو استراتيجي وما يتصل بالامن الوطني، بعيدا عن المنظور النيوليبرالي الذي يكبل القرار ويعمي عن رؤية المخاطر التي ترتسم في افاق عالم مضطرب ومفتوح على تحولات كبرى لن يسلم من تاثيراتها السلبية الا من يتسلحون ببعد النظر.