إدريس الأندلسي
بدأت التسخينات و التداريب للمباريات المؤهلة إلى كأس الفوز بأصوات الناخبين سنة 2026. و كان هذا البدء من إخراج حزبين في صفوف الأغلبية التي يقودها التجمع الوطني للأحرار. تم تجهيز الملعب بخطابات تحمل في طياتها تغيير التعبيرات في إنتظار المرور إلى مرحلة الصراحة الضرورية في سوق ” شرح ملح”. يؤكد كل المتابعين للشأن السياسي أن حزب اخنوش تلاعب بحزب بن كيران كما يتلاعب مهاجمو منتخبنا الوطني بأكبر المدافعين. قبل حزب رئيس الحكومة دخول التجمع الوطني للأحرار لسد النقص العددي الذي خلفه انسحاب حزب الاستقلال حين كان شباط يمسك بالقرار. حصل ذلك في شهر ماي 2013 و لم يغفر تيار الاطر لشباط خلط الأوراق بطريقة عشوائية.
أستمر بن كيران في الحكم بالظاهر و صدق كلام سياسيين يمحوه نهار المصالح الدنيوية. فرط بن كيران في القرار، فجاء القرار بتغييره، بعد ” البلوكاج الاخنوشي ” ، بصديقه الدكتور النفساني العثماني. و لا زالت النفوس مليئة بالحزازات و الألسنة تعبر عن أسباب ماض تولى و قبول لتطبيع تنكرت له قواعد حزب بن كيران. و ظلت زلات العدالة و التنمية تتكاثر، و على رأسها، ترك الملفات الإقتصادية و الإجتماعية الكبرى بين أيدي التجمع الوطني للأحرار. فكان ما كان من سياسات مالية و اقتصادية قادها وزراء من حزب اخنوش و لم يفلحوا في انجاحها. و لا زال العالم القروي ينتظر تنميته رغم صرف 55 مليار درهم كان الامر بالصرف عليها اخنوش حين وزيرا للفلاحة و التنمية القروية.
و يظهر أن استغلال التجمع الوطني للأحرار لأخطاء بن كيران، و قيامه بحملات قبل فترة الانتخابات و رفعه لشعار ” اغراس اغراس ” لتأليب الرأي العام على حليفه السياسي ، مسجلة بالحبر الصيني في ذاكرة حليفيه الحاليين في الحكومة. سجل هذا الأسبوع تصريحات من قياديين في حزب الاستقلال و في حزب الأصالة و المعاصرة. أعلن كلا الحزبان عن البدء في رسم الحدود و ترسيمها مع رئيس الحكومة. لا يريدان التعرض للدغ الذي طال بعض الأحزاب من طرف قيادات التجمع الوطني للأحرار.
كان البدء مع تدخل نزار بركة خلال انعقاد دورة المجلس الوطني لحزب. أكد بوضوح كبير على ضرورة الوقوف إلى جانب المواطنين لمواجهة غلاء المعيشة. و طلب من الحكومة إتخاذ تدابير شجاعة لمواجهة البطالة و التضخم. و لم ينسى أن يؤكد على مبدأ التضامن الحكومي لتلطيف آثار خرجته على رئيس الحكومة. و لم تمر هذه الكلمات دون أن تثير حفيظة حزب رئيس الحكومة. بعض القياديين أعتبر انتقاد نزار بركة سياساويا و مخالفا لخطابه داخل الحكومة، و بعضهم وصف كلامه بالتعبير عن ” نعم” رسميا، و عن ” لا” في الكواليس.
و تنتقل عدوى التميز عن خطاب التجمع الوطني للأحرار إلى حزب الأصالة و المعاصرة. فطنت قيادة الأصالة و المعاصرة، في عز ازمتها التنظيمية، إلى أن المستفيد الأول من التدبير الحكومي هو حزب رئيس الحكومة. يتكلم السيد الرئيس، بكثير من التركيز على نجاح، وزارءه في تنزيل الدعم المباشر و التغطية الصحية دون التنويه الإعلامي و السياسي بالقطاعات الأخرى التي يدبرها حلفاؤه. ولم يترك الوزير بن سعيد فرصة انعقاد المجلس الوطني لحزب الأصالة و المعاصرة تمر دون التطرق لموضوع تضرر القدرة الشرائية للمواطنين. و طالب بتقييم موضوعي للدعم المباشر ، الذي لم ينعكس ايجابيا، وبالشكل المطلوب على المواطنات و المواطنين. و استدرك المسؤول الثاني في ” البام” و المثقل بالمهام الوزارية المتعددة ، ضرورة وضع مرهم على خطابه، فنوه بإنجازات الحكومة منذ تنصيبها. بدأ العد العكسي لعمر الحكومة، و بدأت معه حسابات الربح و الخسارة الحزبية. بدأت التسخينات في ظل وضع إجتماعي صعب يتسم بضعف تدبير الأزمات الإجتماعية. أسعار ملتهبة و اضرابات لا منتهية في الصحة و التعليم و تضخم لا يتراجع و تفاقم للبطالة و كوارث طبيعية. و هناك أزمة أكبر و أعظم تتمثل في العزلة الكبرى التي يعيشها ممارسو السياسة في زمننا هذا. كفر المثقفون بجدوى النضال داخل المؤسسات التي تم اغراقها بمن يسعى إلى مراكمة المال و العقار. كفرت فئات كبيرة من المواطنين بالسياسة لأنها ترى أمامها أغنياء تدبير الشأن العام. و تسعى الحكومة إلى اغتيال دور المجتمع المدني لحماية المال العام.
هناك آمال عريضة في غد تفصل فيه السياسة عن التجارة. حين يمتلك صاحب السلطة قرار سعر اللحوم و البنزين و الخضر و الفواكه و تدبير القطاعات الإجتماعية، فستتضرر التجارة و السياسة و الإستقرار. صدقت أيها العالم الذي فهمته أوروبا و تجاهله عالم عربي لأن إسمه عبد الرحمن بن خلدون. وجب القول أن تغليب كفة المستفيدين بدون وجه حق، تفتح الباب أمام التواقين إلى مزيد من الاغتناء غير المشروع. و حفظك الله يا وطني من اؤلئك و هؤلاء.