َفهمت بسرعة ان الحديث عن البوليس في هذا البلد قد صار صعبا وخطيرا وله ثمن، خصوصا لما تشير الى المقدسين الجدد.
نحن ابناء جيل كان بامكاننا ان نهاجم ادريس البصري ورجاله واوفقير ورجاله والدليمي ورجاله وقدور اليوسفي والصايغ وغيرهم ممن كتبت عنهم المقالات تلو المقالات.
ذلك الزمن انتهى ومن المفارقات ان هيئة الانصاف والمصالحة، التي اعتبرناها تجربتنا في العدالة الانتقالية، قد كانت اعلان عن نهايته، اي نهاية التجرؤ على الاشارة الى الامنيين او التعبير عن راي لايروق لهم وليس انفتاح فضاء لحرية الراي والقول. يعني سالات خلصناكم فالعذاب اللي دوزتو واتهلينا فاللي بغا يخدم معانا وسدات مدام.
لايتعجبن احد اذا ما فتحت السجون لمن تم ضبطهم وتصويرهم مشاركين في حركة 20 فبراير، وقد بدا ذلك، ومن استمروا في الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان والمطالبة باعمال روح ومنطوق دستور 2011.
لك خيار واحد تختاره من بين الخيارات المتشابهة المتاحة : تدير راسك بين الريوس وتعيط ياقطاع الريوس، اي تتكيف مع سلوك القطيع وان تتصرف كالعبد المطيع.
لاتنسى ان الامنيين القدامى كانوا يستحضرون ميزان السياسة حتى في اسوا الحالات، مع انفلاتات، لكن الحاليين يعتبرون انفسهم اكبر من السياسة وهم المتحكمين فيها بعد الهبوط الذي حصل، فهم لايقيمون اعتبارا لا لحكومة ولا لبرلمان ولا لغيرهما لانهم يعتبرون الامن سلطة فوق السلط، واتصور ان وزير حقوق الانسان يهابهم ويخشى ردة فعلهم ومعه اعضاء البرلمان اكثر من اي سلطة اخرى.
لكن السؤال المطروح على هؤلاء: هل يعتقدون ان الدولة البوليسية مازالت ممكنة في عالم اليوم؟ وفي مغرب اليوم؟ من يعتقد ذلك فهو واهم ومن يشجعه على هذا الاعتقاد انما يرغب في تعريض البلاد لما لاحاجة لها به ولا يخذم مصلحتها.
وهل من يفكر خارج الزمن يعرف مصلحة البلاد؟
لن اكون متفاجئا اذا تعرضت للانتقام. ولا اخافه. هذا ردي على نصائح تنبهني الى خطورة من اشير اليهم وقدراتهم وسلطاتهم. كل شئ ممكن الان حتى لو صمت المرء، فلا حل الاستسلام والاشتغال في الاجندة الامنية لمن يرغب في ان يسلم منهم حقا، وشوف تشوف. هافين وصلنا وفين وصلتونا ايها السادة والسيدات الذين كنتم معنا ذات يوم .
محمد نجيب كومينة / الرباط