محمد نجيب كومينة
هل يحضر الملك محمد السادس القمة العربية المتوقع تنظيمها بالجزائر يومي 1 و2 نونبر المقبل؟
ليس هناك بلاغ رسمي صادر عن وزارة القصور الملكية او تصريح للناطق الرسمي باسم القصر او حتى لوزارة الخارجية يشير الى امكانية حضور الملك لهذه القمة المتوقعة، وكل ماراج عن تلك الامكانية استند الى مانشرته مجلة جون افريك الفرنسية او جريدة الشرق الاوسط استنادا الى مصادر مغربية ثم جزائرية غير محددة.
شخصيا لا احبد حضور الملك لهذه القمة لاسباب متعددة.
اولا: من الصعب ان يزور ملك المغرب بلدا قررت سلطاته الحاكمة قطع العلاقات الديبلوماسية واغلقت اجواءها في وجه الطيران المغربي، ضمن ممارسات عدائية لم تتوقف ولم تخف لحد الان. ومن غير الوارد التعامل مع فتح الاجواء مؤقتا للوفد الرسمي المغربي مع ابقاء العلاقات مقطوعة والحدود والاجواء مغلقة. المغرب استقبل وزير العدل الجزائري لانه لم يغلق اجواءه ولم يعلن قط على قطع العلاقات ولم يطلب من سفير الجزائر بالرباط ان يغادر.
ثانيا: القمة المتوقعة في حد ذاتها بلا رهانات حقيقية عربيا، ولذلك يعتبر شعارها “لم الشمل”، المتكرر بشكل مضحك، فاقدا للمعنى. ذلك ان الخلافات بين الاطراف العربية شرقا وغربا اكبر من تجد لها حلا في هكذا قمة تتعمد الدولة المنظمة نفسها تاجيجها وادعاء العكس، اذ لا تنحصر عدائيتها فيما تمارسه وما تتخذه من مواقف ضد المغرب، بل انها تمتد الى علاقتها مع مصر و اطراف ليبية ودول الخليج العربي التي تعرف العلاقات القائمة بين النظام الجزائري ونظام الملالي في ايران وكذلك مع اطراف عراقية وسورية ولبنانية ويمنية، فالنظام الجزائري الذي يزعم انه يسعى الى لم الشمل ليس طرفا نزيها يمكن ان يثاق به.
فضلا عن ذلك، فان المرحلة الحرجة التي يمر منها العالم بسبب الحرب في اوكرانيا كامتداد لسباق استراتيجي وجيوسياسي بين القوى العظمى من اجل رسم خريطة العالم غذا لاتسمح للدول العربية منفردة او مجتمعة باتخاذ مواقف واضحة او موحدة لان اصطفافاتها التقليدية مختلفة حد التناقض، وترتبط بها مصالح وحسابات استراتيجية عصية على التغيير في الزمن المنظور، رغم مايظهر من خصومات او توترات عابرة وما يمكن ان يشوش نظر المتسرعين في اصدار احكام القيمة والسطحيين، وتبرز تلك الاصطفافات اليوم واكثر من اي وقت مضى ليس بشان الازمة الاوكرانية، وبالتالي مع الغرب وروسيا والصين، بل وايضا مع ايران وتركيا واسرائيل، ومن المستحيل والحالة هذه ان تكون قمة الجزائر مناسبة لطرح اي مبادرة عربية بشان القضية الفلسطينية بديلة لما تبنته قمة بيروت بمبادرة سعودية، او ان تتخذ مواقف بشان التطبيع، او ان تتخذ مواقف من الوضع المعقد في سوريا، و ستكون الجزائر اول المتصدين لاي موقف ضد الممارسات الايرانية المهددة لاستقرار ووحدة عدد من البلدان العربية.
ان ادعاء الديبلوماسية الجزائرية القدرة على التاثير في هذا الوضع ولم الشمل وغير ذلك ادعاء باطل، وربما استطاع وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة اقناع رئيسه ورؤساء رئيسه من الجنيرالات به، مما جعل القمة العربية تتحول الى فخ سقطوا فيه جميعا.
ثالثا: اصرار النظام الجزائري على تنظيم القمة العربية في الظروف العالمية والعربية المشار اليها بعجالة اعلاه ناتج بالتاكيد عن الاوهام التي باعها العمامرة لنظام مازوم، جاء به مستنجدا لتجاوز خطر العزلة الدولية والفشل الديبلوماسي بعد فترة الشلل الرئاسي والانقلاب المغلف دستوريا على بوتفليقة وصحبه ثم الانقلاب على المنقلبين على الرئيس العاجز تخللها حراك شعبي متواصل من اجل انهاء حكم العسكر، لكنه ناتج بالدرجة الاولى عن رغبة نظام مطعون في شرعيته ومشروعيته شعبيا في اظهار نفسه للجزائريين على انه مقبول ومؤثر خارج الحدود، عربيا بالدرجة الاولى بعد ان لم يعد ممكنا التعامل مع كل الدول الافريقية كما كان يحدث في الماضي، حيث كانت البترودلارات تشتري الدمم وتغير المواقف، وبعد ان وعت الدول الافريقية ان النظام الجزائري غير جدير بالثقة بالنظر الى دوره مع روسيا و حتى في استخدام الجماعات الارهابية، وبالنظر ايضا الى فشله المريع في ميدان التنمية داخليا وعجزه الفظيع في ان يكون فاعلا في تنمية البلدان الافريقية، رغم ماجناه من اموال الريع في العشرين سنة الماضية وقبلها.
ان شد النظام الجزائري على قمة عربية بلا رهانات واضحة ولا نتائج تنتظر منها بالاناجيد لا يساعده على اخفاء حقيقة انه يرغب في استعمالها استعمالا سيئا وبليدا في دعايته الغارقة في البلادة والتفاهة باظهار نفسه امام الجزائريين، الرافضين لحكم العسكر ولفشله الدريع، على انه غير معزول ومؤثر و فاعل ومالى ذلك عله يكتسب الشرعية المفقودة و يلهي بالدعاية عن المشاكل العويصة التي تتخبط فيها الجزائر، ولم تخرج منها مند العشرية السوداء التي ارتكب خلالها من يحكمون اليوم جرائم ترقى الى جرائم ضد الانسانية، رغم قوس سمحت به وفرة البترودولار في ظل حكم بوتفليقة قبل ان يصيبه المرض بالعجز و يصبح صورة حاكمة لسنوات وعهدات. عدا ذلك، فان هذا النظام لم يفلح في ارجاع سوريا الى جامعة الدول العربية، ولم ينجح في تحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، ولم يكن طرفا نزيها يثاق به من طرف الاطراف الليبية التي تعرف كلها انه كان وبالا على تونس…..الخ، اي انه ينظم قمة فاشلة في كل شئ، وقد يكون فشلها اكبر مما يتوقع اذا انفجرت داخلها عدة تناقضات عربية صامتة و تحدث الثرثار تبون بدون فرامل ولا رقابة على لسانه من طرف عاقل.
قمة بلا رهان عربي ولا نتائج منتظرة مسخرة للدعاية الداخلية من اجل تلهية شعب غاضب عن مشاكله الحقيقية والعويصة لا تستحق ان يحضرها ملك المغرب ولا اي من الملوك والامراء والرؤساء المحترمين، وذلك كيفما كانت الوساطات او حتى الضغوط ان وجدت، فلا يعقل الذهاب الى قمة لا قيمة لها في الواقع وربما تكون قمة خطيرة على العمل العربي المشترك. العقلاء منزهون عن العبث.