هل يذبل الورد وهو في مرمى الندى؟
في بستاننا العائلي انبتقت من خصوبة تربته الأصيلة الجليلة النبيلة ورود جعلت منه فضاء كباقة بديعة تطل من مزهرية ممتدة على طول وعرض الصدور والقلوب والنفوس الطيبة – انتعشنا كأخوات واخوان وأم وأب وجدة وجد على شساعة الترحيب بالقريب والبعيد – باقة متفتحة كنا نحتضن الجميع و لا نروم للانغلاق حتى في الزمان الذي كان أكثر انقفالا. كان الحب والاخلاص والصدق وعشق الفرح وحب الحياة ومد العون النفسي والاجتماعي والمعرفي هو همنا الأساس. وعشنا مع الغير وللغير، ومنه من اعترف ومنه من أنكر وتعاظم وتجبر لكن الكل لا زال عزيزا وبين الاحضان مهما ابتعد او ترفع وتلك قيم اكتسبناها من فكر تراثنا في شقه الايجابي وما تشبعنا به من فكرنا الحديث الجريء الرامي الى الانعتاق من عرين القدامة المستبدة، الى الحرية باوسع مفاهيمها العاطفية والعقلانية متجاوزين تقوقعنا على المصالح الذاتية الخاصة
إلى أن خطا المسار لهذا المصير الذي انحرف عن ودّ الأثير.
واليوم أخي الدكتور محمد رشيد السيدي، يا أول من انفتحت عليه عيناي منذ هشاشة عظامي ورخاوة عضلاتي يا من رافقني في صباي قبل سليقة الكلام إلى أن تملكنا فصاحة اللسان وبلاغة الخطاب ونقاشات الرفاق وهوس التغيير المرجو لتحقيق انسانية الانسان.
يا من عاشرني فبل الرفاقية بخطوات وديعة إلى الكتّاب والمدرسة من ألفها الى يائها، وفي الكلية بمحاضراتها ونضالاتها، وفي متاعب الحياة بانكساراتها وانتصاراتها، كنت دائما بوصلة في يم حياتنا الخاصة والعامة. وكنت أيضاغيورا حتى الثمالة في حمية أهلك وأقاربك وحيّك ومدينتك ورفاقك وأصدقائك ونقابتك وتنظيمك وجمعياتك ومبادئك ولم تتجاهل دينك وقبيلتك وفي كل محيطاتك التي لك بها صلة كنت ولازلت تناضل من اجل صلاحها واصلاحها، ولا ينام لك جفن حتى تتطلع على كل أحوالها وتعرف كل اخبارها، وتساهم في رد إكرابها والاسهام في زرع أسباب رتقها ولحمتها. ألست من ينقلب سياق الكلام من النقاش الجاد الى مداعب مرح تتفتق تنكيتا وهزلا؟
أخي الدكتورمحمد رشيد السيدي كيف نتقبل اصابتك باعتلال وهزال يحرمنا من اشراقة هامتك وبريق تواجدك بيننا في الأسرة والعائلة وكل فضاءات تواجدك الثقافية في الحي وفي المدينة وفي القبيلة وكل فضاءات حياتنا المعنوية والمادية وغيرها كثير؟.
كلنا اليوم كما الامس الى جانبك من فتيحة وعائشة وعزيز وجميلة وسلامة وسعيدة الى بشرى التي حصدت اكثر اعوام اليتم فينا، كيف نستسيغ ذبولك أمامنا في غفلة امنا متجاهلين حدسها الحاد بعلتك وهي المعلولة الأولى بضيم عللنا جميعا؟
فأنت الورد ونحن الندى الذي يكافح فيك الوهن مهما تجبر واستفحل أنت واجهة باقتنا المتفتحة على الحياة في اوسع مزهريتها وسليمة بالتأكيد بسلامة سليم ومبتهجة ببسمة بسمة وبفضل أمك فضيلة وفضائلها التي لا تطلب عنها جزاء ولا شكورا، فتاريخها وتاريخنا جميعا يشهد بشهادة أبينا الذي اعطى بلا ثمن وصرنا بعده قرابين خير في هذا الزمن الذي تسمو فيه الرداءة والغرور والبذاءة خصوصا لمن عقده ماضيه الهزيل في المبنى والمعنى واغتربالقشور وأتفه الأمور وانسحب بدون كلفة ولا تكليف حاميا نفسه في عالم التباهي والمزيف وهو حر في مسعاه.
فالأهم عندنا أن تعد الينا كالوردة ويناعة الورد في جمالها لاتحتاج لفصاحة شاعر، فدع الحياة في جمالها تنبعث منك، فأنت من يناسبها أكثر منا جميعا.
توقيع: أخوك عبد الحفيظ السيدي