إدريس الأندلسي
افتضحت كل خطابات الغرب عن مبادىء القانون الدولي و عن حقوق الإنسان. صنعوا إسرائيل و اعتبروها مقدسة ، و اقسموا على حمايتها من كل مسائلة قانونية، بإسم القوانين التي تم تطبيقها خلال محاكمة النازيين في نورنمبيرغ من نونبر 1945 إلى أكتوبر 1946. شجع الغرب ذو التاريخ الإمبريالي جرائم الصهاينة، إسرائيل على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بإسم ” حق الدفاع عن النفس”. لم تعد قيادة إسرائيل الإرهابية تعير أي انتباه لمن يمدونها بأسلحة بملايير الدولارات. تحرج بهمجية مرشحي انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية المقبلة. أصبح بايدن و حكومته خداما مطيعين لمجرمي الحرب الصهاينة. أصبحت قيادة جيش الصهاينة تصرح علنا بتبنيها لعقيدة ” حرب الضاحية” التي يرجع أصلها إلى الهجمات الإسرائيلية على لبنان سنة 2006. و تتلخص هذه العقيدة في تنفيذ الهجوم على الهدف كيف ما كانت نتائجه على المدنيين و سكناهم. قد يكون المستهدف فردا و الضحايا بالمئات و الخسائر مجموعة من المساكن و المستشفيات و المدارس. و هذا ما يفسر قتل 40 ألف فلسطيني في غزة أغلبهم اطفالا و رضعا. و هنا ينكشف الغطاء عن إجرام الغرب الإستعماري عبر تجاهله لجرائم إسرائيل و تزويدها بسلاح فتاك ممول من طرف دافعي الضرائب.
تهاجم الولايات المتحدة كل المؤسسات الدولية بما فيها محكمة العدل الدولية و المحكمة الجنائية الدولية. ظنت أن هاتين المؤسسين موجهة للدول الصغرى و ليس للدول الكبرى. و حين تكلم القضاة ضد جرائم إسرائيل ضد الإنسانية، انقلبت مؤسسات الغرب الداعمة لهذه الجرائم لتكيل إلى القضاة الكبار في العالم كل التهم مع تهديدهم بكافة الوسائل. و هنا وجب توجيه كل عبارات التقدير لكل المناضلين الفلسطينيين و اللبنانيين، كيفما كانت توجهاتهم العقدية و الايديولوجية، لأنهم اظهروا سوءة الغرب و همجية الصهيونية. يظهر البعض منا توجسا كبيرا من قيام ضحايا بمواجهة تاريخية للإستعمار الصهيوني لفلسطين. ينساقون خلف خطاب صهيوني لا يختلف عن خطابات جينيرالات دول إنجلترا و فرنسا و إسبانيا و بلجيكا خلال الفترة الإستعمارية. ينعتون كل مطالب بالاستقلال بالإرهابي. حكم القضاء الغربي على كل زعماء أفريقيا بالسجن المؤبد و بالإعدام لأنهم قالوا للمستعمر ” أخرج “.
يتوجس أصحاب المناصب و المواقع و الثروات من كل تعبير يساند حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال. و لا يمكن أن نستثني من هؤلاء تجار القضية الفلسطينية و حماة الأنظمة القمعية بإسم القومية و الاشتراكية و الليبرالية و الإسلاموية. ظهر بالملموس أن إسرائيل اخترقت كثيرا من مخابرات الدول العربية. و اخترقت الأحزاب القومية المخترقة أصلا كثيرا من المثقفين و أشباه المناضلين و الصحافيين و صناع الرأي عموما. و أستمر هؤلاء في لعب دور الوسيط الوصي على الشعوب و حتى على المؤرخين.
و يمكن القول للهؤلاء أن الحرب التي نعيش على ايقاعها اليوم ليست معزولة عن الحروب التي يشهدها العالم. تكلم وزير خارجية أمريكا، أنطوني بلينكن، عن رؤية و مشروع أمريكا للعالم. لم يفصل بين حرب روسيا و أوكرانيا، و بين الخطر الذي تمثله قوة الإقتصاد الصيني لبلده، و علاقة كل هذا برغبة قيادات أفريقية جديدة في تملك آليات تدبير اقتصادها. و لم يفته في الأخير أن يتمنى أن يعم الأمن علاقة إسرائيل بفلسطين كدولتين متجاورتين. قالها ، و هو الذي يعتبر نفسه جريحا بعد 7 أكتوبر، دون أن يتكلم عن أية دولة فلسطينية يتكلم، و عن المستوطنات، و عن القدس، و عن تجريد الفلسطينيين من أية وسيلة للدفاع عن النفس.
قد يخاف أصحاب المصالح من العربان و بعض المثقفين المستفيدين، أو الذين استفادوا، من حرب قد تؤذيهم. أعتبر هذا الخوف مشروعا و ذلك لأن إسرائيل، و بدعم غربي صانع للخرافات الدينية، سيستسلم، إن ظلت الشعوب في غفوة، للحلم الصهيوني. و هنا وجب أن نقف عند معطيات التعامل مع مفهوم ” القوة”. لا زالت دول كثيرة و كبيرة و ذات ترسانات مهولة تتفرج و تعمل بجد في كل المجالات. لا نعلم الكثير عن التكنولوجيا الصينية و الإندونيسية و الماليزية و الهندية و الباكستانية و الكورية و اليابانية، و مدى عمق سيطرتها على آليات الصناعات العسكرية. عنون ” الان بيرفيت” الفرنسي و الوزير السابق أحد مؤلفاته في السبعينات ” حين ستستفيق الصين سيزلزل العالم( الفتحة على حرف الزاي الأول في الكلمة). و لقد بدأ الزلزال اقتصاديا و ديبلوماسيا و الباقي سيأتي لا محالة. الحرب آتية هذه الأيام في شرق مريض بالتفاهة و ناطحات السحاب و إستخدام الأموال فيما لا ينفع. ستتخذ هذه الحرب شعار ” علي و على اعداءي “. و يظهر أن زعماء شرق أوروبا اقتنعوا بهذا الشعار. أسواق النفط و الغذاء و المال و الأدوية ستعيش على ايقاعات غير متوقعة.