هنا … وهناك .
” تدوينة مهاجر عاد من سراديب الموت”
شتان بين هنا وهناك ،
فلامقارنة مع وجود الفارق .
هنا الذي قتلني عشقه بالبقاء حد الموت.
وهناك الذي سافرت اليه غصبا عني ولم اقبل العيش فيه الا مضطرا . ثم عدت للتو لان كثيرا من صور طفولتي وعلاقاتي تحاصرني فلاتغادر ذاكرتي .
كيف اصبح العيش هنا دواء مر كالعلقم اتجرعه ولا اكاد استسيغه .
من يصادر حقنا في العيش هنا ؟
ومن يدفعنا غصبا لنهاجر هنا .ونفكر لمغادرته متوجهين مضطرين لهناك .؟
من قتل فينا امل البقاء هنا .
وصادر حقوقنا هنا .وجعلنا تبعا لسراق الوطن يبيعوننا في سوق النخاسة بلاثمن ولاسعر .
شيء غريب ومستفز .
وصورة لايقبلها عقل ولايستسيغها منطق ولا وضع.
يكون المسؤول معتزا وصريحا في حديثه امام منابر صحافية خارجية هناك .
ويمارس عنتريته وكبرياءه وتشنجه امام منابر محلية في استعلاء مستهجن هنا .
لايثق الا في البنوك الخارجية هناك ليضع فيها ثروثه التي سرقها من قوت وطنه هنا .
لايدرس ابناءه الا هناك لان مدارسنا هنا اصابها الافلاس وتبيع الوهم لفلذات اكبادنا بكلفة زائدة .
لايتلقى علاجه وبقية عائلته المصونة الاهناك لان مستشفياتنا هنا عبارة عن مجازر ومراكن لتوديع المرضى وتشييعهم لمثواهم الاخير .
لكن الغلابة. محكومين بالقهر و بالبقاء هنا . مادامت تحاصرهم البطالة والعطالة وقلة الامن والفوضى .
ماذا بقي لنا هنا سوى ضنك العيش وكثير من الصراع الفارغ واحتكاك شبه يومي بلافائدة ولاطائل .
نحن هنا نصارع من اجل البقاء ولن نسلم هنا لهناك مادام في القلب نبض . مهما المتنا صور تحط من انسانيتنا وانفتنا ونحن نشاهد ونتتبع اخبارا مؤلمة صادمة لقوارب الموت وضحايا جدد يلفظهم البحر نهارا هنا وقد غادرونا في جنح الظلام نحو هناك و مادام هنا لم يوفر لهم حد ادنى من الكرامة.فارادوا هناك ولم يبلغوا اهدافهم .هاجروا يحملون الخوف من هنا وعادوا يحملون مع كامل الاسف الموت من هناك .
صورة تديننا جميعا هنا وهناك لافرق .
فنحن سنبقى هنا .
وانتم ستبقون هناك .
إدريس المغلشي