يلحظ المتتبع لشؤون المنظومة التربوية المغربية وعلى امتداد زمني يقارب ستة عقود أي منذ مطلع الاستقلال وإلى يومنا هذا انتكاسا وفشلا لكل المشاريع الإصلاحية التي اعتمدت من أجل الإقلاع والنهوض بأوضاعنا التعليمية ،والتي يجمع الكل على أنها ازدادت سوءا في العشر سنوات الأخيرة ،ومؤشرات سكتتها القلبية واحتضارها لا قدر الله أصبحت الشغل الشاغل لكافة الأطراف والجهات المتدخلة .
إذ كيف يعقل أن يتم الالتفات إلى المنظومة منذ 1957 عبر ما سمي باللجنة العليا للتعليم ،والتي تلتها تباعا في 1958 اللجنة الملكية لإصلاح التعليم ،وفي 1964 مناظرة المعمورة ،وفي 1980 مشروع إصلا التعليم بإفران ،وفي 1994 اللجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم ،وفي 1999 الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وفي 1994 اللجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم ،وفي 1999 الميثاق الوطني للتربية والتكوين ،وفي 2009 المخطط الاستعجالي ،وفي 2015 الرؤية الاستراتيجية ،وفي 2018 القانون الإطار ،أي ما مجموعه تسع محطات أساسية ،ومع ذلك لم يصل أثرها إلى المدرسة بمحاورها الثلاثة : إدارة تربوية ،وطاقما تعليميا ،ومتعلمات ومتعلمين ،إن ما يثير علامات الاستفهام وخاصة في المحطات الأربعة الأخيرة هو الضبابية المحيطة بمن يملك سلطة القرار الموزعة بين المؤسسة الملكية ،والمؤسسة التمثيلية والتنفيذية ،والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ،وما يثير أكثر من سؤال هو ماذا نفد من هذه المحطات وما لم ينفد ؟هل فشلت كمشاريع ؟ما العوائق التي واجهتها ؟هل توجد بينها استمرارية أم قطائع ؟ هل تحمل في طياتها أخطاء على مستوى التصور أو على مستوى التطبيق ؟ ما المنهجيات والمقاربات التي اعتمدتها في الإعداد وكذلك في الأداء ؟هل كانت لها نفس الأولويات ؟ هل سبقتها تعبئة شعبية مصاحبة ؟هل هيئ لها من الموارد والإمكانات المادية والبشرية واللوجستيكية ما يساعد على عملية الإنزال على أرض الواقع ؟ أسئلة تحمل في طياتها من الوجاهة ما يترك السائل يشكك في الإرادة السياسية ،ويتساءل عن موقع حضورها ، خاصة إذا استحضرنا في هذا السياق أن التربية والتعليم أسبقية وطنية أولى بعد الوحدة الترابية ،وفي نفس الآن عن علاقة المشروع المجتمعي للأمة عامة بمشروعها التربوي خاصة ،وعن إمكانية الإصلاحات القطاعية في غياب منظور شمولي للإصلاح بشكل عام .
عبد الصادق شحيمة