د،ع، الصمد بلكبير
حياة جميع مظاهر الوجود الإقتصادي- الإجتماعي و السياسي- الثقافي، تكمن في وحدة تناقضاتها، تناقضات الأنظمة الرأسمالية، تكاد تكون دون حصر، و لعل من بين أهمها مما لا يقع الإنتباه له، و يصعب ضبطه و تحديده، جمعها، في آن معا، بين الطابع القومي لرأسلمال، من جهة، و الطابع العالمي للسوق، و من تم لوسائط التداول فيه، هي إذن وطنية قومية و عالمية، في ذات الوقت، هذا القانون يفيدها و يضر بمصالحها، في الآن نفسه، يستحيل أن تتحرر منه، و يستحيل أن لا تتضرر منه، بتفاوتات، بين مكوناتها، القطاعية من جهة ( صناعة، تجارة، فلاحة، بنوك و مصارف، خدمات) و بين دولها، من جهة ثانية،
يحتاج الطابع العالمي لراسلمال، إلى من يقوده، و يتحكم في مساره و قوانينه، في المنطلق كانت إسبانيا و البرتغال معا ( اقتصاد الريع) ثم بعد هزيمتهما العسكرية و السياسية، في معركة ( وادي المخازن) تولت هولندا كبر الريادة، و انطلاقا من حجر أساس الديموقراطية ( الماكنا كارتا) في إنجلترا ( كرومويل) ثم لاحقا الثورة الفرنسية، أضحت الدولتان قائدتين لمرحلة التوسع الإستعماري للرأسمالية، مخرجا من ازماتها،
و بعد حرب الإمبرياليات 2، أصبحت أمريكا هي من تقود و تسود، حتى الآن، و بالتالي، هي من توزع حصص الذعائر، عند الأزمة، على ( القطيع) الرأسمالي في العالم، سواء كدول او كقطاعات، و ذلك حسب مقتضيات إنقاذ النظام الرأسمالي العالمي، ككل، من الإنهيار الشامل و الكلي، لمصلحة عدوه و بديله التاريخي ( الإشتراكية)
في الأزمة الأمريكية الأخيرة، مثال جيد، كانت منطلقا، أزمة رهون عقارية، و المنطق الموضوعي لتوازنات القوي، و معادلاتها ( و ليس أوباما) اقتضت، ان يؤدي القطاع المالي، فاتورة، واجب إنقاذ الكل، و كذلك كان، انهارت بنوك الإستثمار في العقار، و خسر المستثمرون فيها فضلا عن المودعين، و المستفيدين، و اغلبهم من الكادحين، و التهمت الجميع، البنوك الحيتان؟ و لكن النظام العام، الإقتصادي- الإجتماعي و السياسي، تم إنقاذه؟
و هذا ما سيحصل شبيه له حاليا،
منذ ريكاردو و شميث، ثم خاصة ماركس، و من تبعه باجتهاد، و هم قليل، لم يعد الإقتصاد تخمينا، و لم تعد السياسة تنجيما، و لم يعودا معا يفهمان، دون ربطهما في علم جديد هو ( الإقتصاد السياسي) يفهم الأول بالثاني، و العكس،
و لكن هذا العلم الثوري حقا و فعلا، هو اليوم يحاصر و يحارب، من قبل الرأسمالية عموما و اتباعها الرجعيين جميعا، ذلك لانه يكشف الحقائق، و يوفر للكادحين، و للمثقفين فيهم، سلاحا خطيرا للفهم و للتحليل، و من تم للتغيير؟! و هذا ما يخافون منه، و لذلك يمنعونه على عموم طلاب الجامعات، و يحتكرون تدريسه، في الجامعات التي يدرسون فيها ابناءهم، قبل، و من اجل، أن يصبحوا رأسماليين، غير أغبياء؟!