مناخ التعبئة الوطنية من أجل قطع الطريق على مخطط إقامة دويلة في الصحراء المغربية خاصة بعد دخول الجزائر بقوة وعدوانية كطرف مناهض لاسترجاع المغرب لصحرائه ,ومساند مباشر لمشروع الدويلة الانفصالية .
._ إقرار المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي لإستراتيجية النضال الديمقراطي سنة 1975، ومشاركته سنة 1976 في الانتخابات الجماعية والبرلمانية انسجاما مع هذا الاختيار الذي حسم مع ازدواجية ثورة _إصلاح…
._ تصدر المسالة الاجتماعية مكانة الصدارة في النضال الديمقراطي , خاصة بعد تأسيس الكنفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1978.
._ صعود الحزب الاشتراكي الفرنسي الى السلطة، ومراجعة عدد من الأحزاب الشيوعية (خاصة في اسبانيا والبرتغال) لكثير من المقولات المؤطرة لفكر اليسار (كديكتاتورية البروليتاريا) .
كل هذه المتغيرات وغيرها ,فرضت ضرورة المراجعة ,وحددت وجهتها ، أي استقرارها على اختيار استراتيجية النضال الديمقراطي الجماهيري العلني كطريق نحو التغيير وبناء أداته الحزبية من داخل السيرورة الواقعية العينية للنضال الجماهيري الشعبي.
لقد قادت هذه المراجعة النقدية لتجربة اليسار السبعيني إلى الانخراط في المعركة الوطنية من أجل تكريس استرجاع المغرب لصحرائه، تمثل بشكل واضح في مراجعة منظمة 23 مارس لموقفها من اتفاقية مدريد الثلاثية لسنة 1978, حيث اعتبرت أن الرفض لها خطأ سياسي فادح , يصب في خدمة إستراتيجية إقامة الدويلة المصطنعة…كما تمثل كذلك في جعل الاختيار الوحدوي بين قوى اليسار الجديد والقوى الوطنية الديمقراطية وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي ثابتا من الثوابت الذي يرتهن به تقدم النضال الديمقراطي الشعبي , وتفعيلا لهذا الاختيار أقرت هذه المراجعة الشاملة الشرعية القانونية خيارا تنظيميا ناجعا من أجل مد الجسور بين الحزب السياسي وبين أوسع القوى الاجتماعية . إ ن “وثيقة الشرعية “التي تعد وثيقة مفصلية في تجربة اليسار السبعيني، ثم اصدار جريدة “أنوال” هما ثمرتا مراجعة نقدية، سياسية إيديولوجية نضجت في مقرين رئيسين : السجون، والمنفى ,إضافة الى ما تبقى من خلايا أطر “23 مارس” خارج المقرين المشار اليهما .وقد توجت هذه المراجعة في الأخير بتأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي التي ستبوئ المسألة الايديولوجية والثقافة الديمقراطية والخيار الوحدوي للصف الوطني الديمقراطي والبعد القومي في النضال الوطني مكانة مركزية قوية في إعلامها (أنوال) ومختلف أدبياتها ووثائقها ومواقفها.
ولأن المجال يضيق هنا عن الحديث مفصلا عن تجربة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي, يمكن القول، وكما جاء ذلك في وثيقة المؤتمر الوطني الثاني للحزب الاشتراكي الديمقراطي المنشق عن المنظمة بسبب الخلاف حول الموقف من دستور 1996:
” لقد تركت منظمة العمل الديمقراطي الشعبي في رصيدها التاريخي حصيلة ايجابية في كل المهمات التي خطتها لنفسها (..) من خلال تجربة فكرية نقدية فريدة لكل مظاهر الشعبوية والدوغمائية واللاعقلانية في السياسة، وليس أقل ما في هذه الحصيلة، أنها فتحت آفاقا سياسية وإيديولوجية ديمقراطية عمت كل مناضلي وجماهير اليسار السبعيني، حتى وان لم تصر المنظمة بعد الجسم الحزبي الوحيد المستقطب له (..) ولقد غطت تلك الحصيلة الايجابية كل الميادين التي أقرتها لنفسها في الثقافة والايدولوجيا وفي إعادة التفكير ايجابيا في المسألة الدينية وفي قضايا المجتمع المدني …(..) لقد كان بإمكان هذه التجربة ان تعطي أكثر مما أعطته لولا الفرامل الداخلية التي كانت تحبس اندفاعتها , وتقلص إبداعاتها ,ثم لولا أخيرا النكسة التي تعرضت لها في منعطف تاريخي حاسم”
و