إدريس المغلشي
أمام تصاعد الاحتجاج الذي عرفته الساحة التربوية والذي أفرزعدة اشكالات قانونية وتراجعات حقوقية القاسم المشترك بينها انها وجهان لعملة واحدة فهناك من أحيل على المحاكم لتقول كلمتها في سابقة خطيرة يهان فيها رجل وامراة التعليم ضدا على الاحتجاج السلمي الذي يكفله الدستور. لتليها فضيحة الإحالة على مجالس تأديبية غير قانونية. فتكتمل بذلك صورة بؤس الوزارة وتؤكد اننا نعيش اسوا زمن تدبير للشأن التعليمي يفند كل الشعارات الكبيرة من قبيل:(الجودة والاستقرار التربوي بالمدسة العمومية والاستراتيجيات المستقبلية الضامنة للريادة…) وغيرها من الشعارات الفضفاضة التي يصعب قياسها ،مما يؤكد اننا نعيش زمن الهشاشة بامتياز .
لانشك لحظة ان نضالات الساحة وعملية شد الحبل بين الاساتذة والوزارة افضت لخلاصات أهمها أن هذه الأخيرة فشلت في الحوار فشلا ذريعا عكس ماروج له البعض لعدة اعتبارات سنفصل فيها .السؤال الذي يفرض نفسه لماذا لازالت الاحتجاجات مستمرة أذا كانت النتائج مرضية ؟ دعونا نتفق ان حق التلميذ في الحصول على نقطه مشروعا ومقدسا وبنفس القياس هناك حقوق ومكاسب للأستاذ لايمكن التفريط فيها ولا مقايضتها .من يسعى لفصل الأول عن الثاني فهو يمارس ظلما بينا على الأخير .لأننالم ننتبه لمعطى اساسي ارتكبت من خلاله الوزارة خطأ جسيماعندما غيبت قراءة واعية تستحضر المآلات والنتائج في نهايتها .فبدت خطواتها متعثرة ونظرتها محدودة .الم تكن تدري بالمسار الذي سلكه المحتجون منذ البداية وهم يلوحون بأشكال نضاليةعبر بياناتهم،أين هوالحس الاستباقي لتقليل الخسائر ؟ يبدوانهاراهنت على الوقت وبعدما ضاع منها لجأت لاستعمال القوةفي غير موضعهافخسرت المعركةمرتين اخلاقيا وتربويا.
لكي نؤطر النقاش منهجيا لهذا الإشكال لابد من طرح سؤال حول هوية المرجع القانوني لقرار الإحالة على المجالس التأديبية. هل بالرجوع للنظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديمية يوليو2018 أم للظهير الشريف رقم 1-58-008 ( 1958) .أم بنظام أساسي متفق بشأنه مؤخرا 14يناير 2023 والذي لم ير النور بعد؟ من دفع الوزارة الى اتخاذ قرار التوقيفات يعلم جيدا أن إجراءاته التدبيرية مجروحة قانونيا وفقهيا باعتبار أننا سنشهد مجالس تأديبية صورية وفاقدة لحلقة مهمة في تشكيلتها وهي ممثلي الفئة المعنية بالحضور والتي تعتبر احدى الضمانات الأساسية التي حرص عليها المشرع لتأمين نزاهة القرار .من سيدافع عن الماثل بعد انتهاء النقاش ويحقق ذاك التوازن المنشود في القرار داخل لجنة اختل فيها التساوي بعدما اصبحت محتكرة من طرف من يعتبر الخصم والحكم في نفس الوقت ؟ ألم يكن حري بالإدارة ان تتدرج في العقوبة لتصل إلى حل مع الأساتذة أم انها استعجلت الشدة فتورطت في مأزق قانوني .
من العبث انتظار تدبير عقلاني من طرف فاقد للتروي وبعد نظر فليس دائما الحل هو الزجر وقطع الأرزاق والذي يعزز فقدان الثقةويوسع الفارق .ليس غريبا على وزارة فشلت في الحوار وعمقه الدلالي ومضامينه أن تكون قادرة على النجاح في واجهات اخرى لاتقل أهمية عن الأول .من يعتقد أن سياسة التشدد في العلاقة تحت عنوان الانضباط والحزم في مثل هذه الحالات لها جدوى فعليه أن يمتلك جراة في النهاية لإحصاء الخسائر وتقديم استقالته بعد فشله في التدبير .لكننا في المغرب السعيد لايستمر في الكراسي والمسؤولية الا من ينتجون الأزمة ويغامرون بمصير قطاع حيوي له راهنيته والضريبة في النهاية تؤديها المدرسة والمواطن ومادمنا قد عاينا كيف يتم حبك وإخراج سيناريوهات للمحظوظين من أجل الإفلات من المحاسبة بل منهم من تتم مكافأته بمنصب أعلى دون محاكمته. لا أمل في شعارات الإصلاح والتصحيح مادمنا غير قادرين على القطع مع هذه العقليات.