بمناسبة الحوار الوطني حول التعمير نقطتان فقط
وكالة وكالة وكالات
سكن طبقي لمجتمع طبقي
مالكة العاصمي
تقدم السيد وزير الصحة بمشروع عزمه على إحداث وكالة للأدوية. وتقدم السيد رئيس الحكومة بمشروع عزم الحكومة على إحداث وكالة للأدوية. وتقدمت السيدة وزيرة الإسكان وإعداد التراب بمشروع عزمها على تغطية الجهات بالوكالات الحضرية.
ماذا يعني إحداث الوكالات؟ وماذا تعني تجربة الوكالات. هناك مديرية للأدوية في وزارة الصحة ستحدث إلى جانبها وكالة الأدوية.
ازدواجية البنيات والمباني والإدارات والموظفين وميزانيات التسيير والتدبير والتجهيز والاستثمار.
ثم تعقيد المساطر وخلق مزيد من الوسطاء وإثقال الإدارة والمستشفيات بمزيد من المراحل وحتى المفاسد إذا كان القرار اتخذ لتجنب المفاسد.
وهناك قسم التعمير بالجامعات، وقسم التعمير بالولايات، وهناك مندوبية السكنى، ومصالح التعمير، ثم الوكالة الحضرية. كل هذه الجهات تتداول على الملف الواحد تضاف إليها الوقاية المدنية والتجهيز ووو..وأحيانا وكالات التنمية المحلية أو الجهوية ووو.. وكل هذه الجهات تدرس مشاريع التنمية والتعمير وتصاميم التهيئة والتصاميم المديرية ووو وتجتمع وتفترق وتتخذ القرارات مجتمعة ومنفردة.
هكذا يتفرق دم التنمية (الجريمة) بين القبائل، وتتعقد المساطر ويكثر الوسطاء والمتدخلون ونحتاج لجيش من الموظفين للقيام بنفس العمل ولثروة من الميزانيات لإقامة البنيات والمكاتب وتجهيز المؤسسات ولمخصصات التسيير والتدبير والتجهيز ولا ننسى الرؤساء والمديرين والمصالح والأطر العليا والمتوسطة والدنيا ومكاتب الدراسات والسيارات وتعويضات التنقل والحضور والغياب والسواق والشواش وشركات الحراسة وشركات التنظيف وغير ذلك.
عندما قال الفنان عبد القادر البدوي دعوة دعوة دخل إلى المحكمة وتاه في ردهاتها وزحمتها ومساطرها وقضى هناك ولم يخرج بعد، رحمه الله رحمة واسعة. وعندما قال العقيد زنكَة زنكَة اختفى ويعلم الله ما فعل أو ما فعل به فلم يظهر بعد، رحمه الله رحمة واسعة.
وكالة وكالة وكالات ومزيد من إهدار الثروة والزمن وتعقيد الإدارة ومراكمة الوسطاء وتأخير التنمية أو تعطيلها وتفريق دم التنمية ودم الملفات بين القبائل.
السكن الطبقي لمجتمع طبقي
منظومة التعمير والسكنى وبرامج الإسكان في المغرب تتوزع على المجال الجغرافي للمدن وفق نظام طبقي بين مناطق لإقامة القصور وتحصرها على الطبقة الأعلى وذوي الإمكانيات الفياضة المتدفقة، ثم مناطق الإقامات المخصصة لذوي الإمكانيات الوفيرة، ومناطق ل..، ول..، مرورا بالسكن الاقتصادي، والسكن الاجتماعي، والسكن العشوائي، والدواوير المدنية، وأحياء الصفيح..، وصولا إلى الحواضر العتيقة العريقة المتريفة المتحولة إلى مشوهات شعبية، بعد أن هجرتها الطبقات العليا والأعلى والمتوسطة التي كانت تتعايش فيها بين باقي الناس، بسبب ما لحق الحواضر من ترييف وتداعي واكتضاض وزحمة وفوضى وعشوائية جعلت التتمسك بالرياضيات والدور شبه مستحيل، فهجرتها قسرا من بقيت من الأسر متمسكة بتاريخها، بحيث استخلصت المدن العريقة للهجرة القروية، وحكم بتقسيم المساكن الكبرى إلى غرف ودويريات وسكن عشوائي، ورفعت كثافة الحواضر السكانية لأضعاف مضاعفة لا تتحملها البنيات المختلفة التحتية والفوقية وما بينهما.
هذه التحولات الفوضوية العشوائية التي لحقت المدن العريقة لم تلبث أن زحفت على الأحياء العصرية الكولونيالية والأحياء الجديدة بشكل متواصل تحت أعين الوكالات ووو وهي بصدد ترييفها هي الأخرى… وأزمة السير نموذج لذلك.
اما نهب ممتلكات الدولة والخواص، والزحف العمراني على الأراضي الزراعية والمسقية والمستصلحة، وخطيئة التوسع اللامتناهي للمدن، وجشع مافيات العقار، والمفاسد الكثيرة المتعلقة بهذا الحقل ومجاوراته من الحقول المتعددة، وأنواع المظالم ووو… فمسائل أخرى رغم كونها جميعا جزءا أساسيا من مشكل السكن الطبقي والمجتمع الطبقي.
فهل نطمح في يوم ان تؤدي الحوارات الوطنية لحل بعض معضلات المغرب في التعليم والتنمية والسكن والعدالة الاقتصادية الاجتماعية الثقافية.