*عادل البوعمري
” إن تجارب التاريخ جديرة بالاهتمام. إن كل خط -أو وجهة نظر- يجب أن يوضح دائما وبصورة متكررة. ولا يجوز أن يوضح لقلة من الناس فقط، بل علينا أن نُفهِم جميع الجماهير الثورية الغفيرة إياه. ” (ماو تسي تونغ)
لم يكن بوسعنا أن نتحدث إلا بعد انتهاء المؤتمر بشكل كامل ونهائي. واليوم، وبعد مرور أكثر من شهرين على 23 مارس 2024، اليوم الذي يتزامن مع الأحداث الدامية التاريخية لانتفاضة 23 مارس 1965 المجيدة، وها نحن بعد 59 سنة، ينضاف لذات التاريخ من هذه السنة حدث حديث تاريخي بامتياز في سيرورة حركة الشعب المغربي المناضل ومسلسل اليسار الديمقراطي، حدث انتخاب المكتب الوطني لشبيبة اليسار الديمقراطي بالمغرب والذي ستسجله دفاتر التاريخ وسجلاته إلى الأبد. وقد كانت الإستقالات الأخيرة عبارة عن جرس انتهاء مؤتمرنا المفتوح، وصافرة انطلاق عملنا الجاد والحاد، إذ أنها أكدت النتائج المشرفة لدورة المجلس الوطني الأول، باختيار الأكثرية للقيادة الوطنية وصحة وجوب سقوط العناصر الإنتهازية وجعلهم مناشفة قلائل، بل وعدم صمودهم أكثر من شهر واحد فقط، يتساقطون بعده كأوراق الخريف البالية الصفراء، معلنين أمام الرأي العام انتحارهم السياسي مبكرا دون تردد أو تفكير.
يبدو أن هذه السياسة الإنتهازية الفتية لم تكن تتوفر على الميكانزمات المطلوبة للصمود والتطور – فهذا الجهل المركب بالتاريخ طبيعي، نتيجة لإفراغ وتحطيم جميع المنظمات والأحزاب المعارضة، ومحل السياسة محل الإنحطاط والتفسخ والإنشقاق والتشوش والإرتداد والخلاعة، وكذا اشتداد الجنوح نحو المثالية الفلسفية. (والذي لا يعرف التاريخ محكوم عليه بتكراره. كارل ماركس)- فانتقلت بسرعة صاروخية من سياسة انتهازية غير واعية (انظر مقالة: قدموا لنا شبابا يسعى إلى التنظيم، نقدم لكم تنظيما يسعى إلى التغيير) إلى سياسة انتهازية واعية (انظر مقالة: فلتتحدد كل المواقف، ولتكن المجابهة في الضوء) إلى سياسة انتهازية جاهلة ضربت بكل الذوات المبدئية وأفكارها عُرض الحائط، فارتطمت في الوحل، في ظرف قياسي وجيز.
* نائب الكاتب الوطني لشبيبة اليسار الديمقراطي