*عادل البوعمري
إن انقياد بعضهم بوعي والبعض الآخر بدون وعي لهذا التفكير -المترجم إلى ممارسة- الإنتهازي العميق، لهو الدليل الرئيسي لعدم قدرتهم حتى على انتظار انعقاد الدورة الثانية للمجلس الوطني المرتقبة والمشاركة بكل رفاقية في بناء شبيبة صلبة، قائمة أساسا على الإنضباط الرفاقي كنتيجة طبيعية للصراع الفكري والتنظيمي، والذي بدونه لن تقوم قائمة لهذا اليسار، ولشبيبة اليسار الديمقراطي بالخصوص.
أما عن التأثير الفعلي على مجريات الأمور من داخل الشارع المغربي – تحت القيادة غير الصائبة “للقادة الكهول آنذاك” الذين أرادوا إعادة نفس الكرّة عن طريق توجيه “الأبناء غير الشرعيين اليوم” على نفس الخطى..- فإن المحطات الكبرى منذ نهوض الجماهير بسرعة إبان ما سمي ب”الربيع العربي” والضربة الموجعة لشبيبات اليسار الديمقراطي، والتي ألصقت -الضربة الموجعة- ومسحت في شبيبة العدل والإحسان بانسحابها من ساحة الميدان (سنعود لهذا لاحقا)- وما تلى هذا من محطات (حراك الريف 2017، جرادة 2018، الحراك التعليمي 2023) … – ، تؤكد على عدم استعداد الجميع للقيام بالمهام العظمى والتراجع على ما هو مأمول، والغياب الشبه التام على التأثير في عمق المشهد السياسي المغربي ما حوّل موقعها إلى الذيل تنظر من دبر الأحداث (على حسب تعبير بليخانوف . بتصرف)، ما عدا التضامن البياناتي المحتشم مع الأحداث، وتواجد بعض الطاقات المناضلة في القاعدة محليا في بعض الأحيان -دون أي تأطير أو توجيه من التنظيم-، المسألة التي لا يمكن تفسيرها تاريخيا على أرض الواقع إلا بكون الصراعات البرجوازية الصغيرة صراعات داخلية ضيقة صرفة مع النظراء (بحكم موقعها الإقتصادي/الطبقي)، لا مع العدو الطبقي. دائما ما تطغى عليها المماحكات العقيمة، الدعايات المسمومة والقتل المعنوي والتراشق بالإتهامات الأخلاقية هنا وهناك، فيتحول الصراع إلى صراع المواقع. وفي الأخير، التهديدات المتكررة بالإستقالات، ومن تم تقديمها.
إن هذا الفيض من الحقائق المرة للغاية قد تقربنا جميعا من الوضع الحقيقي لصورة اليسار “المناضل” بالمغرب، وحدها دون غيرها، تبين لنا إلى أي درك قد يصل “التنظيم” إذا تغيبت فيه سبل الصراع الفكري والنظري، وسادت فيه “ميكانيكية” فيورباخ الجافة، ماذا نريد دون معرفة من نحن من الأساس، الليبرالية في أبشع صورة لها من وصولية وفردانية لا تعترف بعلاقات التنظيم والصلة.
* نائب الكاتب العام لشبيبة اليسار الديمقراطي