عبد الصادق النوراني
يبدو أن الحول أصاب بعض (النخب) السياسية والثقافية لدرجة ما نسميه بالدارجة المغربية ( التضهصيص ) الذي يجعل من الإنسان جسدا بدون عقل ولا فؤاد ، يخبط خبط عشواء كالذي استهوته الشياطين حيران في الأرض يبحث كيف يقنع العامة بأن أصل النجاح فشل وأصل القوة ضعف .
والحفيقة المرة البينة التي تثير الإزدراء أكثرُ مما تثير الإحترام ، وتبعث على الإحتقار أكثر مما تبعث على الكراهية هي مواقف بعضهم إما من نظام الحكم أو من الحكومة وأجهزتها الأمنية غالبا ما تؤثر على سيكولوجياتهم وتدفعهم بالتالي لاستصدار آراء ومواقف غالبا ما تضعهم في قفص الإتهام وتجعل منهم هدفا لسهام النقد والسخرية في كثير من الأحيان .
ولعل ردود الفعل التي خلفتها تدوينة الصحفية هاجر الريسوني تدخل في هذا الإطار حيث أجمعت في عموميتها أن الأخيرة لم تكن موفقة بتاتا وهي تربط القدوة الحسنة بالمعرفة الفكرية والعلمية وبالوعي السياسي والثقافي .
ولربما هذه المقاربة هي قناعة محكمة لا تقبل تأويل ولا نقاش لدى الأستاذة هاجر الريسوني بحكم تربيتها ومحيطها العائلي ؛ لكن التنبيه وإبداء الرأي في مسئلة تهم الرياضيين المغاربة ولاعبي كرة القدم على وجه الخصوص هو فرض عين لنهمس بكل أذب في أدن الصحفية المحترمة هاجر الريسوني ونقول :
1_ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يعرف القراءة ولا الكتابة ولكن كان ولا زال قدوة لأكثر من مليار مسلم بدليل القرآنُ الكريم والسنة النبوية الشريفة ، واسمحي لي أدكرك بقليل من الآيات الكريمات : ( لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة ) ؛ (الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التورات والإنجيل ) ؛ وفي الحديث الشريف حينما نزل عليه جبريل في غار حراء وقال له إقرأ قال ما أنا بقارئ .
2_ صحيح أن أغلب الرياضيين الكبار وخصوصا لاعبي كرة القدم ليست لديهم شواهد أكاديمية عليا ، وهذا يمكن أن نناقشه في إطار إصلاح نظامنا التعليمي الذي لا يسمح بممارسة الرياضة والدراسة في آن واحد ، لكن لديهم ثقافة : ثقافة ممارسة الرياضة مرتين في اليوم ، ثقافة الحمية الغدائية والمحافضة على الوزن ، ثقافة النوم باكرا ، ثقافة الفوز والإنتصار ….فالثقافة لا يمكن حصرها في الشواهد الأكاديمية فقط إسوة بالمعرفة التي لا يمكن حصرها في العلم والفكر بل تشمل أيضا علم التدريب الذي يتقنه إلا الرياضيون و لاعبو كرة القدم وعلم التحكيم الرياضي وعلم التأطير الرياضي والمواكبة الرياضية التي لا يتقنها صحفيون وعلماء ومهندسون بل إن في الرياضيين من أدهش أطباء من خلا معلوماته العميقة في الطب الرياضي والإستعداد البدني وأنا أعرف كثيرا منهم ، ويكفيك أن تسألي مدرب أو مدربة قاعتك الرياضية .
3_ أما قلة الوعي السياسي فقد أحسنوا صنعا بعدم طلبه والتبحر فيه والإبتعاد عنه لأسباب يعرفونها جيدا خصوصا في بلادنا ، لأن الرياضي ولاعب كرة القدم صادق وصريح بطبعه والسياسي كذاب ومنافق ، ولنا في الإديلوجيات الحزبية لأحزابنا السياسية وتوافقاتها الهجينة أحسن الدلائل .
وبالرجوع إلى الإحصائيات فإن أغلب الرياضيين المغاربة الكبار وخصوصا لاعبي كرة القدم عصاميون لم يكملوا دراستهم إلا بعد تقاعدهم الرياضي وكونوا أنفسهم حتى أصبحوا من كبار رجال الأعمال في البلاد .
إن الخروج بمثل هكذا تدوينة تستهدف نفسية لاعبي كرة القدم الوطنية بهذا الشكل وفي هذا الوقت بالذات هو تحوير للنقاشات العمومية الكروية التي تستهدف تطوير كرة القدم المغربية بعد سلسلة الإنتصارات التي حققها لاعبو المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم في كأس العالم بقطر الشقيقة .
آن الأوان بعد الأفراح التي عشناها في مونديال قطر وصور البر بالوالدين كان أبطالها لاعبو كرة القدم المغربية وبتثها مختلف القنوات التلفزية العالمية وكانت موضع تقدير واحترام في كل بلدان العالم أن نتحلى بالوطنية الصادقة ويجعل أطفالنا من لاعبي كرة القدم المغربية قدوة للصبر والنجاح والإصرار على التغلب على الصعاب .