كشفت حالات الاعتقال والتقديم أمام النيابة العامة لعدد من المتورطين في قضايا النصب والاحتيال ومحاولات النصب والاتجار في البشر وغيرها من ملفات الفساد، عن وجه بشع لاستغلال الديمقراطية وهامش الحرية والحقوق في بلادنا من طرف دعاة أصبحوا كيرقات الجراد في حقول الزرع…
وما يفتأ يتأكد في الواقع اليومي بواطن الشعارات الطنانة للتخليق ومحاربة الفساد في محافل رفعت أشخاصا من حضيض المجتمع الى صفوته ونخبه بواسطة صفات مدنية وسياسية لأجل مصالح ذاتية مكنت فئات بلا مؤهلات من تحسين وضعها الاعتباري على حساب قضايا الوطن.
وهيأت الترسانة التشريعية في مجال الحريات مع ما واكب إقرارها وتطويرها من انفتاح في بلادنا على حقوق الإنسان مثلما هو متعارف عليها كونيا، لجحافل من “المتطفلين” سبل التسلل إلى الهياكل التنظيمية المخولة بمقتضى القانون لتكون شريكا للدولة في التحديث وبناء المؤسسات وإقرار الديمقراطية الحق… في إطار من العدالة والمساواة التي يكفلها الدستور لجميع المواطنين بلا تمييز.
وإن تكن المساطر ما تزال قاصرة لممارسة رقابة قبلية على حقوق الأهلية ليس وفقط القانونية والمدنية ولكن الأخلاقية والعلمية والاجتماعية والإنسانية…أو تكن فصول في التشريعات ناقصة فإن السلطات المختصة مدعوة الى سد الثغرات من مبدأ سد الدرائع وجلب المصلحة في الترخيص والإذن للأطراف المدنية الناشطة في مجال الحريات وحقوق الإنسان.
كما أن النيابات العامة مدعوة الى ممارسة اختصاصاتها في حق الرقابة البعدية لعدد من الإطارات المدنية الناشطة في مجالات اهتمامها والتي تتجاوز أحيانا مدة صلاحياتها أو يكون أعضاؤها في مواضع الشبهة والتجني على حقوق الغير بالابتزاز والتشهير وفي أحايين كثيرة يكون الأعضاء المنتدبون اقليميا وجهويا ووطنيا لمهام في مكاتب جمعيات ومنظمات وعصب ذات أسماء كبيرة في مهام جسيمة دون التوفر على حد أدنى من المؤهل لتولي مثل المسؤوليات التي هم على رأسها.
فليس لا من الديمقراطية ولا من احترام حقوق الانسان انتظار تحريك الدعوى العمومية من طرف ضحايا النصب والابتزاز والتشهير والمس بالكرامة من خلال الأباطيل والاتهامات المجانية باسم صفات يتم اتخاذها مطية للريع المادي والسياسي ولفائدة المصلحة الشخصية حتى إذا ما انكشفت الحقائق المؤلمة ينتهي فصل ليبدأ آخر جديد ومشاهد مُخزية في مسلسل لا ينتهي من الاجتياح لجراد مدني وسياسي نَهِم في حقول الديمقراطية لا يبقي ولا يذر من محصول سقتْه وتعهدته أجيال بدمائها وأرواحها ونضالها ليكون حصادا لشعب يستحق ان يعيش حرا كريما…
إنه لمؤسف جدا ما تطالعنا به الأخبار كل يوم عن الدهماء التي ترتقي المنابر وليس لديها غير الصياح في حنجرتها مؤهلا يقودها لترهيب مسؤولي المكاتب في الطوابق العليا للوزارات والإدارات، ينتصبون كالفزاعات يلوحون باسم حقوق الانسان وباسم التنمية وباسم التخليق ومحاربة الفساد ليراكموا الثروات ويتسلقوا الرتب والمراكز في دوائر القرار حتى يصيروا ما صاروا وهم لم يكونوا من قبل شيئا مذكورا…
فإلى متى يستمر العبث باسم الديمقراطية صبرا على اليرقات في حقول أينعت بالجمر والرصاص ويأتيها زحف الجراد المنتشر ليجعل الوطن كالأرض اليباب؟!
عبد الواحد الطالبي / مراكش