إدريس الاندلسي
يضحكني كثيرا من سماهم أبو الفرج الجوزي بالحمقى و المغفلين . كتاب هذا المؤلف له راهنية لن يفهم معناها بعمق سوى الشعب الجزاءري الشقيق صاحب القضية الديمقراطية و الأمل في تحقيق الاستقلال الحقيقي الذي سحبه منه كابرانات فرنسا. لو كنت ممن يتقنون فن المسرح الضاحك و الذي يخفف على النفس همومها، لاخترت خرجات من انتخبه الكابرانات رئيسا بعقلانية و بعد تفكير عميق. ” با عبد المجيد” يسعد كل محب لكوميديا الموقف. حين يتكلم عن الصناعة و التجارة الخارجية و السكنى، تشعر بقيمة هذا الرجل الاستثنائي الذي لم يولد في الجزائر أذكى منه. وله شبيه في ساحة جامع الفنا بمراكش إلا أنه أحسن منه فهما و لغة ووعيا.
و أؤكد أن أول رئيس يشكل علينا خطرا كبيرا هو عبد المجيد تبون. يمتلك في فن الفصاحة الكوميدية ما لم يمتلكه رئيس قبله. تعجبني كثيرا تعبيراته و ضحكاته و خصوصا صوته الحامل لأجمل النبرات. يعرف أسرار التاريخ و يقولها بكثير من الحياء. أسر إلى زبدة الصحافة في بلاد لها مثقفون و مؤرخون و كثيرا من الواعين بوضع البلاد، أن ثاني بلد أعترف باستقلال الولايات المتحدة هي الجزائر. و الدليل يوجد في متحف وطني يضم ما سماه القائد التاريخي ” زوج كوابس أهداها الميركان للمسمى عبد القادر الجزاءري. و للعلم فإن هذا الأخير ينتمي إلى مدرسة مكيافيل. لعب كل الأدوار مع العثمانيين و الملوك العلويين الذين مكنوه من كل شيء رغم خيانته المتكررة. و لمن يشك في غدر هذا ” الأمير ” ذو الأصول المغربية كغيره من الخونة الذين اقتاتوا على كرم المغاربة، أن يطلع على الأرشيف الفرنسي. و ربما قد يصر أهل الكذب على صدقهم و ربما قد يصنعون وثائق ترجع إلى عهد السومريين.
الوثائق موجودة و هناك وقائع و رسائل موجودة تبين الخيانة الكبرى ضد من رفض ملكه إسترجاع حقوقه الترابية حتى تستقل الجزائر. و في الحقيقية كان على ولاة الأمر أن يحسموا الأمر مع المستعمر. انتظرنا قرار من أعطيناه مالنا و سلاحنا و اسكناه منازلنا و كان جزاؤنا إنكار و جحود و كذلك نوع كبير من الخيانة. و الكل يعرف أن أولئك الذين كان لهم أصل مغربي أو من هاجر إلى بلادنا قبل الهجمة الاستعمارية الفرنسية، استقبلوا كمغاربة و هم من أصروا على تسميتهم ب” الواسطيين” . منهم من رجع إلى الجزائر بعد الاستقلال و منهم من اعتبر أنه مغربي و هم كثر. ولا نحتاج إلى ذكر الكثير من الأسماء التي ساهمت في بناء المغرب الحديث و وصل بعضها إلى درجة منحت له للسهر على تسجيل تاريخ المغرب.
أتمنى من عبد المجيد تبون و السطلة العليا للكابرانات أن يطلبوا من سلطات فرنسا أن تفرج عن الوثائق التي تبين الاستيلاء على الأراضي المغربية. مشكلتنا في المغرب هي تلك الثقة التي وضعناها في أناس وجدوا لدينا الأمن و الأمان فخانوا العهد و تنكروا لمن ضحى من أجلهم. و لحد الآن لن أنكر أن التاريخ الموثق لا يعرف و لم يعرف بلدا إسمه الجزائر قبل 1962 . و هذا لا يعني إنكار كفاح شعب في منطقة ضد مستعمر أراد أن يمحي ثقافة و دينا ليؤسس لتاريخ أراد صنعه من جديد. دوكول، مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة، فهم خطورة الوضع. خلق وضعا جديدا و استولى نظام جديد أغلب قياداته تربت في المغرب و تنكرت لتضحياته و كانت أول من هاجم بلادنا قبل اندلاع ما سمي بحرب الصحراء. و مع الأسف العميق تم استغلال هذا الوضع من طرف جزء من المعارضة المغربية في السنوات الأولى للاستقلال. العلاقة مع الجزائر جد معقدة و لن يغفل نظام الكابرانات أنها رأسماله الوحيد للبقاء في الحكم. و بالطبع تظل الشعوب ضحية للاستغلال الإعلامي الموجه. و لكل هذا علينا توعية الشعب عبر طرح المعطيات التاريخية. جميل أن نسمع “خوا خوا” ولكن ما نراه من تعبيرات عدوانية داخل الملاعب و في المطارات تستوجب مزيدا من الوعي بخطط عصابة قد تشعل حربا من أجل حماية مصالحها. و نحن لها بالمرصاد دفاعا أولا و ثانيا و ثالثا. أما تجاوز الخطوط الحمراء فهجوما لا يبقي و لايذر .