ينظم المكتب المركزي لودادية موظفي العدل، بشراكة مع النقابة الديمقراطية للعدل، يوما دراسيا، في موضوع ” موقع هيئة كتابة الضبط في مشاريع الإصلاح ” يوم الأربعاء 9 دجنبر الجازي بالمعهد العالي للقضاء.
وجاء في مشروع أرضية اليوم الدراسي، ” يشكل ورش إصلاح منظومة العدالة أحد الأوراش الكبرى والإستراتيجية التي حضيت بعناية ملكية سامية تجسدت وتبلورت في العديد من خطب صاحب الجلالة الداعية إلى الإصلاح وإلى جعل مرفق العدل مرفقا متسما بالنجاعة والفعالية والقرب من المواطن، كما ظل هاجسا يؤرق كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والحقوقيين باعتباره ضرورة ملحة ورهانا مجتمعيا لازم جل البرامج الحكومية للدولة منذ الاستقلال.
ولئن كانت عملية الإصلاح عملية تراكمية ظلت تستحضر الوازع الوطني المسؤول في مختلف حقب الزمن السياسي، فإنها تشكل في الراهن القطاعي هاجسا مفصليا يحضى بالأولوية لدى وزارة العدل من خلال السهر على استكمال التنزيل السليم لباقي بنود إصلاح منظومة العدالة، سواء على المستوى التشريعي في الشق المتعلق بمشروع التنظيم القضائي ومشاريع المساطر الإجرائية و القوانين المنظمة للمهن القانونية و القضائية ، أو على المستوى ألتدبيري المتعلق بالرفع من نجاعة أداء المحاكم ، وتحديث الإدارة القضائية ورقمنة خدماتها، فضلا عن تأهيل الموارد البشرية وجعلها ركنا من أركان التأهيل المؤسساتي لاحتضان الجودة و ضمان التميز، الشيء الذي يدفعنا مجددا إلى ضرورة تعميق النقاش في الآليات والسبل الكفيلة لتحقيق إصلاح يستجيب لمتطلبات مرفق عدل حديث و عصري، يضع نصب عينيه تسريع وثيرة البت في القضايا مع حفاظ مطلق على حقوق المتقاضين وضمان تام لشروط المحاكمة العادلة.
ومن ثمة كان ضروريا استحضار جملة من التوافقات الإستراتيجية التي أمكن التوصل إليها، والتي يظل أهمها إقرار الوثيقة الدستورية لسنة 2011 وما ترتب عنها من تنصيص وتكريس لا لبس فيه لمبدأ استقلال السلطة القضائية، ومبدأ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، إضافة إلى توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، خاصة الهدف الرئيسي السادس المتعلق ب: “تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها“، سواء من خلال إقامة إدارة قضائية احترافية ومؤهلة، أو من خلال تأسيس إدارة قضائية قائمة على اللاتمركز الإداري والمالي.
ومما لاشك فيه فمقتضيات مشروع قانون التنظيم القضائي – بعد ملائمته مع قرار المحكمة الدستورية عدد 89/19 – سيكون حجرا أساسيا في عملية الإصلاح باعتباره أولا من القوانين المهيكلة والمحورية للشأن القضائي وللتدبير الإداري بالمحاكم ، وثانيا باعتباره شأنا مجتمعيا وبكونه ضمانة تشريعية لتحصين الحقوق وحماية الحريات.
كما أن مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية ستكون في حال إقرارها أداة لتحقيق النجاعة القضائية وبالشكل الذي يحقق معادلة الجودة والسرعة في البت ، سواء فيما يتعلق بالتأكيد على حق الأشخاص في التقاضي والدفاع عن حقوقهم التي يحميها القانون، وعلى مبدأ حقوق الدفاع ومبدأ العلنية وتعليل الأحكام وتكريس الحق في المحاكمة العادلة، وصدور الأحكام في أجل معقول، إضافة إلى تأكيد الصيغة الإلزامية للأحكام القضائية النهائية في مواجهة الجميع، وإفراد مجموعة من المواد تحدد بدقة إجراءات ومساطر تجهيز الدعوى، وإجراءات ومساطر التبليغ والتنفيذ في استحضار تام لمبدأ فصل السلط.
وفي ظل السعي نحو تحقيق المحكمة الرقمية تأتي مضامين المخطط التوجيهي للتحول الرقمي للعدالة في المغرب، الذي لا يعد تخطيطا استراتيجيا أو وثيقة مرجعية فقط، بل هو أداة للقيادة تستهدف رقمنة منظومة العدالة وإشاعة ثقافة مجتمعية جديدة لمفهوم التقاضي ولطلب الخدمة المرفقية بالمحاكم عن بعد، من خلال برمجة مخطط تحويلي على مدى خمس سنوات يستحضر تحديد وتجويد وبرمجة المشاريع اللازمة لتحقيق هذا التحول الرقمي.
و بناء على كل ما سبق ، فإنه من واجبنا اليوم أن نتساءل ونضع مجموعة من الإشكالات كأرضية للنقاش وهي :
- ما هو التصور التدبيري والتسييري للمرفق القضائي المعزز لمفاهيم الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة والتدبير الأمثل للموارد البشرية، الذي يتوجب على مشروع التنظيم القضائي 38.15، أن يجيب عنه في علاقته بمشروعية التدبير ؟
- ثم ما هي الرهانات المسطرية المكرسة للنجاعة القضائية والمحددة للاختصاصات بين جميع المتدخلين في العملية القضائية، الكفيلة بضمان المحاكمة العدالة، و توفير الظروف والشروط العادلة لتنفيذ المقررات القضائية، التي يجب أن تنص عليها مقتضيات مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية ؟
- وإلى أي حد تجسد مضامين المخطط التوجيهي للتحول الرقمي للعدالة في المغرب انعكاسا حقيقيا للمقتضيات الدستورية ذات الصلة، و لكل الإنتظارات التدبيرية والرهانات المسطرية والنواظم المشكلة للمهن القضائية الفاعلة في الحقل القضائي ؟