عبد الله المعاوي
موقف الإسلام من المعاملة التفاضلية بين الكتابي وغير الكتابي في المجتمع العربي أثناء بداية الدعوة الإسلامية
قال تعالى في سورة المائدة:
يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزؤا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء، واتقوا الله إن كنتم مومنين . الآية (59).
في هذه الآية الكريمة يحذر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، من اتخاذ النصارى واليهود وكفار قريش أولياء لعدة عوامل . في مقدمتها: اشتراكهم في الاستهزاء بأصحاب النبي محمد عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم .وقد سمى سبحانه وتعالى النصارى واليهود بمن أتوا الكتاب .
والكتابيون صنفان :
الصنف الذي يؤمن ببعض الكتاب الذي نزل عليهم ويكفر بالبعض الآخر. وخاصة أن منه ما يشير إلى انبعاث الدين الإسلامي ويبشر بمجيء محمد عليه الصلاة والسلام كخاتم النبيين . وهذا الصنف هو الذي وسمه الله بالبغي والكفر في سورة آل عمران .
والصنف الثاني من الكتابيين هم الذين يعملون بما نزل في كتابهم ويؤمنون بأن هذا الشخص الذي اسمه أحمد العربي والذي لم يكن له ولأمته كتاب (الأمي ) سيصبح رسولا وسينزل عليه كتابا كما نزل على المسيح وموسى عليهما السلام . وذلك إيمانا بما ورد في كتبهم التي تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر . مصداقا لما جاء في سورة الأعراف :
واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة ، إنا هدنا إليك ، قال عذابي أصيب به من أشاء ، ورحمتي وسعت كل شيء ، فسأكتبها للذين يتقون ويوتون الزكاة والذين هم بآياتنا مومنون. الآية (156) .الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في الثورات والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليه الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون. الآية (157).
لقد ربط الله سبحانه وتعالى هنا وصف محمد بالأمي بنزول التوراة والإنجيل على اليهود والنصارى واللذان ضما المبادئ التي سينزل بها كتاب الله المنزل على محمد عليه السلام.
وتعتبر سورة الأعراف من السور الموحدة التي وجه فيها الله سبحانه وتعالى الدعوة لتوحيده إلى كافة الناس ، سواء منهم الكتابيون أو غيرهم . فأمرهم بالإيمان به والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يكن لديه ولأمته كتاب .وفيه بشر الله سبحانه وتعالى بنزول خاتم الكتب وجامع مبادئها ومفصلها . وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يجهر بهذا القول .وفي هذا يقول جل من قائل :
قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض ، لا إله إلا هو ، يحي ويميت ، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ، واتبعوه
لعلكم تهتدون . الآية (158).