إدريس المغلشي
بدا المشهد بئيسا قبل انطلاقة اللقاء وكأنه يعكس ظروف الكلام ليبرر منطلقاته.
غابت كل ملامح التفاؤل فقادنا فضولنا لمتابعةهذه الجلسة التي جرت الأعراف انها تخصص للمسؤول الأول في الحكومة. ليوضح للعموم ظروف البداية وملابساتها فرغم حداثة عهده بالمهمة الجديدة فلا احد ينكر تواجده لعقد ونصف في التدبير الحكومي من خلال المهام التي اسندت اليه طيلة هذه المهمة، عكس بعض الملتحقين الجدد .
اللقاءبدا رتيبا، من حيث نوعية الصحفيين الذين اختيروا لهذا اللقاء وهو أمر يطرح سؤال : هل تخشى بعض الجهات على رئيس الحكومة من بعض الأصوات المزعجة التي قد تحرجه بكثير من الأسئلة الآنية التي تفرض نفسها ؟ أظن أن منذ البداية تبين أننا أمام لقاء من نوع خاص دبر سيناريو إخراجه مسبقا قبل إجرائه وبالشكل الذي يضمن نجاح الضيف اكثر من إسقاطه في مطبات لاقبل له بها .فعلا كل الشروط توحي بأن مرحلة أخنوش تتوفر عكس سابقاتها على جميع الحظوظ والشروط والضمانات للنجاح .ثلاث أحزاب لتسهيل التنسيق وغياب معارضة قوية من حيث العدد والنوعية داخل قبة البرلمان بغرفتيه ودعم لامحدود يبدو من خلال كل مخرجات 8 شتنبر كمرحلة جديدة، تروم تنحية كل المعيقات التي قد تشوش على المسار .
كيف لا وقد أشرف على توقيع اتفاق مع نقابات قطاعية بمعية الوزير المعني قبل ان يحل ضيفا على القناتين معا.لا أخفيكم أننا أمام إشكالية أصبحت تطرح بقوة بل وتبدو معادلة سمتها الغالبة الإستحالة ،أن نجمع بين قوة الخطاب وصوابيته ونجاعة الآداء .فمن أشبعونا خطابات شعبوية خانوا الميثاق وخرجوا وهم صاغرين وخاب الظن واصبحت الثقة مفقودة .والآخر يرفع شعار العمل بدل الكلام .وهنا اود فتح قوس فعلا نريد العمل ولاشيء غير العمل ، لكن ليست هناك مؤشرات ولابوادر تدلل على هذا الأمر .
وحتى يتحقق هذا الأمر فلا يتوفر بين أيدينا سوى نص الحوار الأخير، وهو أمر يحيلنا على تصريحات ومضامين يغلب عليها الإرتباك والغموض وغياب أرقام وإحصائيات عموميات تثير لدينا تخوفات مما يستقبل من الأيام . لنتفق أن السيد رئيس الحكومة له دراية وهو ابن الدار وليس حديث العهد بالتدبير كما يعتقد البعض ويسعى لترويجه . يلاحظ أنه لم يتحرر بعد من فوبيا حزب خاض معه حروبا وهمية بل في كل لحظة سماع اسمه ينتفض ليرد بنفس الصيغة دون ان يتحلى بالشجاعة المطلوبة والأخلاق التي تمليها أبجديات السياسة والتي ترفع شعارا أبديا ” أن في السياسة ليس هناك عدو أبدي ولاصديق أبدي ، بل الإحتكام إلى المصالح “. الطريقة التي يبرر بها التعثرات من قبيل كوفيد والتداعيات الإقتصادية فلن تكون بدرجة ووثيرة المرحلة السابقة.والغريب في الأمر غياب المبادرة والقرار السياسي الذي يميز سلطة رئيس الحكومة عن الجهات والمصالح التقنية وهذا راجع بالأساس لكاريزما الشخص المدبرفحين يكثر المحاور في ردوده من( الإحالات والهوامش) كما يسميها الفقهاء فهذا دليل واضح وصريح على غياب القرار .
كنا ننتظر جوابا صريحا في موضوع 17 مليار التي لازالت في خبر كان . وكيف استقر سعر البنزين فيما يفوق عشرة دراهم دون توضيح .وباقي المواد الأخرى .وهل من مقاربة جديدة تستدرك الأخطاء القاتلة التي دبر بها التقاعد والتعاقد من أجل ضمان سلم اجتماعي حقيقي ؟ ومامصير حرية التعبير وسجناء الرأي وهل يوجد في الأفق انفراج يعزز من مقومات دولة الحق والقانون ؟.وكثير من القضايا التي يبدو أن اللقاء أغفلها او تعمد تهميشها في الطرح والنقاش . ومادام السيد رئيس الحكومة رجل أعمال له دراية واسعة بتدبير المال ورغم مايقال أن (الرأس مال جبان) فالتفوق والنجاح لايأتي إلا بالدارسة والدراية والمغامرة وهي عوامل أغفلها في النقاش للدفاع عن وجهة نظره وعن مكونات حكومته ، بدا ضعيفا مرتبكا ومتوثرا ، مما ترك مساحات بياض وتأويل وقراءات متعددة أثناء اللقاء وهي فرصة من الناحية البرغماتية ضاعت من مفكرته ولن تتكرر.