الأطباء والصيادلة
انتشر ” الأطباء ” و ” الصيادلة ” في الساحة ، حتى بلغ عددهم -أحيانا- 15 شخصا ، يعرضون أدويـة تشـفي من كل علة من المرض العضال حتى ” حريق البول ” ، وكل ذلك بثمن ” مناسب جدا ” . وهناك أطباء الأسنان وباعة الأسنان الصناعية ، حيث يتم خلع السـن فـورا . وقد تجد أحدهم أمام سيارة كبيرة إظهارا للوجاهة يبيع ” أدوية ” هي في الواقع علب حلوى ، لكنها ” تنفع ” في الخصوبة والتعافي والوقاية ، ويتناوب بعضهم على نفس السيارة بين الفينة والأخرى وهـم يـزورون الأسواق في البوادي أيضـا لـعـرض بضاعتهم مستغلين ” آمال ” الناس في الشفاء . قدرة هؤلاء ” الأطباء ” و ” الصيادلة ” على الإقناع تثير الاستغراب ، يعد الواحد منهم بسرعة القرى والمدن التي زارها ، وقد تصل إلى أكثر من 60 أو 70 قرية ومدينة ، ثم يتحدث عن الدواء ” الذي لم يصنعه مؤمن بل كافر هداه الله إلى صناعة هذا الدواء أو اكتشاف الطريقة لشفاء المرضى والأمراض ” . وبعد ذلك يعرج على ذكـر نفسه باعتباره يقوم بهذا العمل من أجل الناس لا لهدف الربح ، لأنه أصلا غير محتاج ، والسيارة دليل قاطع على ثرائه . وكذا لباسه العصري أو التقليدي ، ثم يعزز حديثه المسهب بآيات قرآنية وبحكايـات حـول تسميم الأنبياء والرسل ، وينتهي الأمر بإقبال الجمهور على شراء الـدواء الذي لا يضر ولا ينفع ، والغريب أن هذا الدواء يباع كل يوم وبنفس الطريقة . هم وهناك نوع آخـر مـن ” الأطباء ” و ” الصيادلة ” التقليديون ، الذين يبيعون أدوية شعبية يصطلح عليها بـ ” دوا المسلمين ” كأعواد ” من الهند ” ، وجلـود أفـاع مـن الصحراء ، وبيض النعـام ، وزجاجـات مملوءة بسـائل يصلح للأعضـاء والأعصاب ، ثـم هـنـاك بعـض الـوعـاظ الذين يبيعـون أحجبـة تمنـع العـقـارب والثعابين مـن الدخول إلى المنزل ، وتنجي من الجن الخبيث ، وتداوي الأمراض بسيطها وخطيرها . كان دكتور الحشرات يتمتع بخيال واسع وسخرية مرة من أطباء الساحة ، وكان أول مـن نـادى بفكرة أكبر طاجين ، وأكبـر قـصـعة للكسكس وأكبـر طنجيـة . وقـد ت 4 اقتبس منه البعض حكاياته الخيالية دون أن يشير إليه ، ومنها حكايات حول جلب العنبر من بطن العفريت النائم في الواق واق . وكان رحمه الله جادا في حديثه ، لا يضحك قط . وكان يؤكد أن مخلفات هذا العفريت تداوي جميع الأمراض ظاهرها وباطنها . وصيف مراكش حار وطويل كما هو معروف ، لذلك احتاج المرتادون والزوار إلى الماء ، وكان هناك جماعة من الكرابة < = نسبة إلى القربة » ، وهـم سـقاء و الماء الذين يروون مرتادو السـاحة ، كان أبرزهم سـقـاء مـاء يـدعى ” الطبيعي ” ، وهو أيضا أرقاهم لباسا ، إذ كان فريدا يتميز بلباس تقليدي ممتلئ بالنقود النحاسية القديمة وقبعة ضخمة ” مكسيكية ” . وقد سمي الطبيعي لأنه كان ينادي على الماء الذي يبيعه بالماء الطبيعي … وكان يستغل بهرجة ملابسه لأخذ له بمقابل مع الأجانب والمغاربة كذلك صور أو وحده . كان أحد ” الحلايقية ” المشهور بابن القايد ، يفرش أنها وثائق الملكية للضيعات حلقته برسـوم عدلية يزعم والمنازل و القرى التي خلفها له أبوه القائد الفلاني ، وأن هدفـه مـن ممارسة الحلقة نبيل ؛ إذ يهدف إلى توعية الناس بحقوقهم وواجباتهم ، وإذا أكرمه أحـد بمبلغ من المال فهو يتصدق به على الزاوية الفلانية . بجواره يوجد صاحب حلقة السبعة ألـوان ، بعد أن يحـدد ضحاياه ” يعثر ” في الحلقة على نواة بلحة يمنحها للضحية ، بعد يردد كلامـا غامضـا يحتمـل عـدة معان ، قائلا : إن البركة / النواة ستنقذه مما يصنع له ، وكان يقـول بداية الحلقة إن الخمر حلال لأن اسمه موغربي أما قارئات الـورق فـقـد كـن ، ولازالت قدرتهن على قراءة الورق ( = الكارطة ) وخطوط اليد تتميز بمصادفات غريبة ، وفهمـا نفسيا واسـعا لـطـالـب أو طالبـة الـقـراءة ، وبجوارهن فقهاء المظل الذين يجلسون تحت هذا المظل اتقاءا للشمس ، ومعهم أوراق وأقلام ويبدؤون في الكتابة لاستجلاب الجني / المخبر الذي سيخبر الزبون بما له وما عليه ، ثم فجأة يأمر فقيه المظـل الـزبـون بأداء الـفـتـوح ( الأتعـاب ) قبـل أن تشتعل النـار فـي المكـان ، لـكـون صحيفته -أي الزبون- تتجاوز الجو الحارق والشمس التي تلهب الساحة .