شهدت مدينة الدار البيضاء مساء الجمعة 16 ماي 2003 أعمالا إرهاببةَ، الأولى من نوعها بالمغرب ، وهي الأحداث التي جاءت بعد أربعة أيام من الهجوم على مجمع الرياض السكني الذي يقطن به اوريون ( 12 ماي ).
خلصت التحريات التي قامت بها السلطات المحلية إلى أن منفذي العمليات الإرهابية، التي هزت العاصمة الاقتصادية نفذها شبان ينحدرون من أحد أحزمة البؤس التي نبثت بالبيضاء وهو حي سيدي مومن، و الذين قاموا بتفجير أحزمة ناسفة استهدفت فندق ” فرح ” ومطعم ” دار إسبانيا “، ومطعماً إيطالياً بالقرب من دار أميركا ومركزاً اجتماعياً يهودياً كان مقفلا، ومقبرة يهودية قديمة، كما فجر انتحاري نفسه أمام قنصلية بلجيكا، وتسبب في مقتل شرطيين.
و ان هناك تنظيما يسمى ” السلفية الجهادية ” كان وراء الأحداث الدموية التي خلفت العديد من القتلى و الجرحى، و جعلت المغرب الذي كان في منأي عن هذه الأعمال التي تعرفها العديد من البلدان، بقوم بحملة اعتقالات واسعة، بلغت ازيد من 2000 مشتبه فيه، في الوقت الذي لم تتبنى اي جهة تلك العمليات الإرهابية.
هذا و تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية من تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية عقب تلك الأحداث، الأمر الذي حال دون وقوع أحداث مماثلة، باستثناء تفجير مقهى أركانة بمراكش سنة 2011.
أحداث البيضاء الدموية كانت نتيجة حتمية لما عرفه المغرب من تنامي المد الأصولي بتزكية من عبد الكبير العلوي المدغري وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية السابق من جهة، والذي مكن العديد منهم من خطبة الجمعة، فضلا عن العديد ن الامتيازات الأخرى، طبعا قبل ظهور العدالة و التنمية، فضلا عن تعاطفه الكبير مع هذه الشريحة وهو ما اتضح بشكل جلي خلال الخطة الوطنية لإدماج المرأة التي اتحد فيها الوزير المذكور مع حزب العدالة والتنمية، الذي دشن دخوله السياسي بانتخابات 1997 البرلمانية، والتي أظهر فيها إدريس البصري الوزير المخلوع ” حنة اليد ” في التزوير و لو لفائدة الأحزاب الوطنية التي فضحه بعض أعضائها ” حفيظ و أديب ” .
كما أن وزير الداخلية ظل خلال عقد الثمانينيات يمكنهم من شواطئ خاصة بهم ، ويستعملهم لمضايقة الأحزاب الوطنية الديمقراطية، قبل أن يمكنهم من انتهاك الحرم الجامعي و الاعتداء على أعضاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وهي الأحداث الدموية التي شهدتها العديد من الجامعات المغربية، دون نسيان الرسالة الشهيرة لابن كيران، كلها عوامل ساهمت في تنامي المد الأصولي ، الذي ” دارت عليه الدولة عين ميكة ” للمساهمة في حرب افغانسات انطلاقا من مسجد السنة بالبيضاء، معقل جمع المتطوعين، يقع هذا طبعا بمباركة من الوزير المخلوع الذي انتهى إلى ما قدم .
المهم العهد الجديد ورث هذه الوضعية و حاول التعامل معها تارة بالحزم و أخرى بليونة ، حيث تم الإفراج على بعض دهاقنة الإرهاب و السفك الدماء وهو المسمى الفيزازي الذي عبر عن ذلك في برنامج على قناة الجزيرة دون الحديث عما كان يصدره من أشرطة سمعية لمريديه إحداهما خصصها لليسلفي المغراوي يتهمه بالتقرب من السلطة والتودد لها، بل وصفه بالمخبر أو البياع .
أبدى النظام المغربي استعداده سنة 2011 لحل ملف المعتقلين الإسلاميين، لكن عودة التهديدات الإرهابية وظهور تنظيم «داعش» الذي التحق عدد من المغاربة للقتال في صفوفه، وصفوف تنظيمات أخرى، ومنهم أعضاء بارزون في اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، أدت إلى توقف مبادرات تسوية هذا الملف التي كانت قد تبنته أيضاً عدد من الجمعيات الحقوقية، حيث تعثر حل ملف المعتقلين الإسلاميين إلى حالة العود، ذلك أن بعض المفرج عنهم سواء بعفو ملكي أو بعد انتهاء العقوبة، عادوا إلى ارتكاب أعمال إرهابية من جديد.