18 دجنبر الأسود
في خريف الأوراق الصفراء, حيث ضفادع المستنقعات تتطفل , وحتالات التاريخ تزعق , وقوى الظلام تحبوا على الرصيف .. تكررت المأساة : الجلاد الفظ يغتال الحلاج من جديد : اغتيل المناضل التقدمي الكبير عمر بنجلون !
_ من القاتل ؟؟ يقولون إنه لاذ بالفرار .. ومرت سنوات ولازال القاتل الحقيقي وراء أكثر من قناع ..
_ لماذا اغتيال عمر ؟ أعداء الضحى يقولون: إن خطيئة عمر لن تغفرها آلهة الحب الأرضي لن تغفرها القرابين التي اعتدناها ..
رحل عمر, وبقيت ذكراه وصمة عار لن تنمحي من جبين قوى الظلام ومن سخروها لارتكاب هذه الجريمة النكراء ..
اغتيل عمر, ولكن بقيت موجة الأمل متدفقة متصاعدة في العيون المشدودة إلى غد الكرامة والحرية والديمقراطية الحقة .. فعمر لم يمت , إنه حي في دم كل شرفاء هذا الوطن , وفي كل لغة تتحدى الفساد والاستبداد , وفي كل خطاب يستشرف ويتطلع إلى غد جديد ..
في كل ذكرى , وفي كل محطة نضالية مفصلية ,يستحضر أوفياء الخط النضالي السياسي والفكري للشهيد عمر ذلك التركيب الجدلي عنده بين النضال الوطني والنضال الديمقراطي والنضال القومي .. فقد ظل يردد في خطبه وكتاباته بألا سبيل إلى التحرر الوطني وعلى صعيد قومي ما دامت الديمقراطية مغيبة على صعيد الدولة وداخل الرأي الوطني والتنظيمات الحزبية , ومن هنا ظل يدافع عن قناعة أنه لا تغيير لميزان القوى وموازين النضال من أجل ديمقراطية سياسية واقتصادية واجتماعية بدون التشبث بخط النضال الديمقراطي ذي الأفق الإشتراكي والتشبع بالثقافة الديمقراطية داخل صفوف الديمقراطيين ..
لقد كانت لعمر , شهيد الوطن والنضال الديمقراطي , مساهمات تأسيسية حقيقية في مجال الفكر والثقافة الإيديولوجيا مصقولة بممارسة وتجربة كفاحية ميدانية في مختلف الواجهات , إنه المناضل المثقف والمنظر والمرتبط عضويا بقضايا الوطن وبنضال الشعب من أجل الخبز والحرية والكرامة والعدالة..
ما ذا أقول اليوم؟ : نعم استعجلت قوى الظلام رحيلك عنا ,الذي شكل فعلا خسارة جسيمة للصف الوطني الديمقراطي التقدمي في مرحلة تاريخية نوعية ودقيقة.. واليوم مازلنا مطالبين _رغم أزيد من أربعة عقود على استشهادك _ باستلهام سيرتك النضالية : فالغابة كثيفة , وأصوات بين أشجارها مخيفة , والطريق نحو الوادي طويل .. طويل وما من خيار أمام رفاقك الأوفياء لروحك غير صنع زورق واحد يعبر بهم الطريق يدا في يد كي لا تبتلعهم التماسيح..ووو…
فسلام عليك ياعمر في كل ذكرى , بل في كل يوم ولحظة .
جليل طليمات / الرباط