قال الدكتور الغالي محمد، أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، إن وسائل الاتصال الاجتماعي اليوم اخترقت المفهوم الذي يعطيه علماء العلوم السياسية للإقليم (الجو، البر، البحر) بالنزر لتأسيس مجموعات واسعة على مستوى فضاءات التواصل الاجتماعي والتي تلزم الباحثين اضطرارا إلى إعادة النظر في الدولة التقليدية ومدى تأثيرها من حيث الأدوار في الفضاءات العمومية التي يحتلها المواطنات والمواطنين، وقال بأن الإقليم الفايسبوكي الذي يتشكل اليوم وفقا لمنظومة قيم مشتركة من الألم والآلام وهو المعطى الذي أكده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتقاسم أزيد من 60 % من الشباب لجانب من حياتهم الخاصة عبر الفضاء الأزرق، وذلك في مداخلته الموجهة للمشاركين في الندوة العلمية التي نظمها طلبة الفصل الأول للقانون باللغة العربية بتنسيق مع مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات: “الدولة المواطنة والتنمية في سياق متغير”، تحت عنوان: “مفهوم الدولة في محك الثورات العلمية”، التي احتضنها مدرج المختار السوسي يوم الجمعة 7 دجنبر الجاري.
وأضاف الدكتور الغالي، أن المواطنة تشكل مفهوما إجرائيا عكس مفهوم المواطن، الشعب والأمة كمفاهيم كونية الملازمة للدولة، داعيا إلى ضرورة إعادة النظر في العناصر الكلاسيكية لمفهوم الدولة وفي أدوارها التي حددها في: الثقة، السكينة، التنمية، السلم، الحماية، الأمن، السلامة، الاستقرار والطمأنينة، مبرزا أن الفضاء الإنساني الوحيد الذي عرف الحوار والتواصل في تاريخ البشرية هو ساحة الأغورا لدى اليونان بالاستناد إلى الطرح الأرندنتي (نسبة إلى حنا أرندنت في كتابها “في العنف”) باعتبار كل الفضاءات الأخرى كانت فضاءات للعنف.
وبخصوص الأدوار الجديدة للدولة في ظل التطورات العلمية، تساءل الدكتور الغالي، حول ما إن كانت الدولة قادرة على تحقيق التنمية والسلم، وأن التكنولوجيا والعلم تضع المجامعات بين ثنائية توسيع فرص الحرية وتضييقها في نفس الوقت، ومدى قدرة الدولة على استيعاب التدفق المعلوماتي. واستحضر فكر جون راولز الذي استعمل مفهوم الناس بدل المواطنة، واصفا دستور 2011 بغير المستوعب والتمييزي للأبعاد الإنسانية وقتل جوانبها بتشديد العلاقة بين الحاكم والمحكومين، وأرسطو الذي انتقد ديموقراطية أثينا بوصفها ديموقراطية المتسكعين الذين لا شغل ولا هم لهم.
وقال إن التكنولوجيا العلمية، جعلتنا ننتقل من دولة ديموقراطية الى دولة مدنية، ومن المجتمع المغلق إلى المجتمع المفتوح بالوصف البوبري، وأوضح أن مفهوم الدولة بات اليوم مستفزا في ظل القطبيات والإمبراطوريات اللوبية التي لا طعم ولا رائحة لها وتتحرك كلما تهددت مصالحهم في إطار الدولة الواحدة لتمرير إيديولوجيات وعولمة القيم وتوحيدها.
وعلاقة بالعملة التي تعتبر مقوما من مقومات سيادة الدول والتي لا يمكن التنازل عنها، أوضح الدكتور الغالي أن العملة الرقمية “بتكوين” في طريقها إلى فرض وجودها مع تزايد اتساع رقعتها، وأن الحديث عن الدولة الالكترونية الافتراضية ممكن أن تتحقق بتحقيقها لرهان الحماية والسلامة، وتحقيقها للتنمية عبر فرص الشغل مع شركات دولية عبر العالم المعلوماتي وكلها معطيات تحتاج منا التأمل والتدبر لما تطرحه من استفزاز فكري ومقوماتي.