آخر الأخبار

التفاصيل الكاملة لمتابعة رئيس القسم الاقتصادي بولاية مراكش

يمثل رئيس القسم الاقتصادي بولاية مراكش، أمام الغرفة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بمدينة مراكش، في حالة اعتقال، يوم الـخميس 2 يناير 2020، بعدما استكملت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التحقيق معه ومع الشهود، ومع المشتكين، الذين نصبوا له كميناً، بتنسيق مع النيابة العامة، صباح يوم 12 دجنبر 2019، داخل مكتبه بمقر ولاية جهة مراكش آسفي.

وجاء إيقاف رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكش، حسب محضر الضابطة القضائية، صباح يوم الخميس 12 دجنبر 2019، على الحادية عشرة إلا ربع، انتقل عميد الشرطة الإقليمي، رئيس المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، إلى مقر ولاية جهة مراكش آسفي، وذلك بناء على تعلميات من وكيل الملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش. وكان عميد الشرطة المذكور رفقة فرقة مكونة من عميد شرطة ممتاز وضابط شرطة وضابط من الشرطة القضائية ومفتشة شرطة، ووصولوا جميعاً إلى مقر الولاية وقسموا الأدوار في ما بينهم لنصب كمين لمشتبه فيه من العيار الثقيل.

وقت وصول الفريق الأمني هو الوقت نفسه الذي كان فيه رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكش (ع.ط.ع) على موعد مع (س.ع)، أحد شركاء المشتكي الرئيسي (ح.آ.س) الذي يملك 33 % من الشركة المسيرة للمسبح، موضوع احتجاجات العمال الذين كانوا يشتغلون به في السابق، والذي يزعم رئيس قسم الشؤون الاقتصادية أنه قادر على تخليص المسيرين الجدد من مشاكلهم.

صعد عنصران من الفرقة الأمنية، التي انتقلت إلى مقر الولاية، إلى الطابق الأول، حيث يوجد مكتب الموظف المسؤول (ع ع)، وترصدا دخول المبعوث (س ع) إليه.

دخل  المبعوث إلى المكتب وبحوزته ملف بلاستيكي أحمر، يحتوي على مبلغ مالي قدره 120 ألف درهم (12 مليون سنتيم)، وقبل أن يلج إلى مكان عقد اللقاء، مكث لبعض الوقت في قاعة الانتظار، بعدما طلبت منها كاتبة رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكش ذلك.

وبعد مرور حوالي عشرة دقائق من دخوله إلى مكتب الموظف المسؤول (ع.ط.ع)، خرج المبعوث دون أن يخرج معه ملفه البلاستيكي الأحمر، لتلج الفرقة الأمنية إلى المكتب، حيث وجدت المشتكى به واقفا، وتمت معاينة الملف المذكور موضوعا على طاولة صغيرة أمام مكتبه، لتقوم الفرقة الأمنية بالكشف عن محتواه، وتعاين مبالغ مالية من فئة 200 درهم عبارة عن ست رزم.

الفرقة الأمنية قامت بمعانية بعض الأرقام التسلسلية للأوراق المالية التي تم العثور عليها داخل المكتب، ومقارنتها مع الأرقام التسلسلية التي نسخت خلال الإعداد للكمين، أمام أنظار الموظف المسؤول المتابع في الملف، ليتبن أنها متطابقة، ليتم الحجز على المبلغ بالإضافة إلى الهاتف النقال للمتهم لعرضه على الخبرة التقنية.

وبعد التأكد من هوية الموظف المسؤول، تم إخباره بإيقافه وإشعاره بالمنسوب إليه ودواعي هذا الإجراء، كما تم تفتيش مكتبه بشكل دقيق بحضوره، ولم يتم العثور على أية أشياء أو متعلقات تفيد البحث موضوع القضية.

انتقلت عناصر الفرقة الأمنية التي أشرفت على الكمين عند مكتب رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكش، إلى بيته، وذلك عملا بمقتضيات مسطرة البحث في حالة التلبس.

الفرقة انتقلت رفقة  المسؤول المذكور من أجل مباشرة اجراءات التفتيش وحجز كل ما له صلة بالنازلة، مؤازرين بأفراد طاقم أمني، ووصلوا إلى محل السكن الساعة الثامنة وخمسة وأربعون دقيقة من مساء  اليوم ذاته، الذي تم فيه إيقاف المعني بالأمر.

وقامت الفرقة الأمنية بحضور زوجة الموظف المسؤول المتهم وشقيقه الذي كان في بيته لحظة وصول الفرقة الأمنية والمعني بالأمر نفسه، بتفتيش “الفيلا” التي يقيم فيها والمكونة من طابق أرضي وطابقين علويين وآخر تحت أرضي. ولم يسفر التفتيش الدقيق عن أي حجز له صلة بالبحث في القضية التي يتم التحقيق فيها.

وجاء في محضر الاعتقال ، أنه قبل شهر رمضان الماضي، قامت شركة يمتلكها 3 إخوة وشخص ثالث هو “س.ع”، الذي نفذ الكمين رفقة الفرقة الأمنية، بكراء مسبح مشهور على الطريق بين مدينة مراكش وأوريكا.

أحد الأخوة وهو “ح.آ.س” تقدم بشكاية مباشرة إلى النيابة العامة تتعلق بـ”مطالبته بأداء رشوة لفائدة رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكش”. لكن لماذا “طلب” الموظف المسؤول بالولاية بـ”رشوة” من المستثمر؟

المشتكي يقول إن الشركة، التي كانت تكتري المسبح، تركت خلفها حوالي 24 مستخدماً، طالبوا بإدماجهم،  لكنه رفض ذلك، ليقرروا خوض مجموعة من الوقفات الاحتجاجية أمام باب المسبح.

“ح.آ.س” سيرفع دعوى قضائية لدى المحكمة التجارية بمراكش، نتيجة الخسائر التي تكبدتها شركته بسبب الاحتجاجات التي تنظم أمام المسبح، فقضت المحكمة  بفض اعتصام المستخدمين، وذلك ما لم يستجيبوا له رغم تبليغهم بمقتضيات الحكم المذكور.

بعد ذلك، سيقوم  مسير الشركة بتوجيه دعوة إلى رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكش، من أجل الحضور إلى المسبح، وذلك ما قام به. وحين حضوره، قام بجولة ميدانية داخله وخلالها تطرق لمشكل العمال الذي كان على دراية به، ووعد بإيجاد حل للمشكل مقابل “رشوة”، حيث ردد عبارة “غادي نديرو الحل وإن شاء الله تهلا فيا”.

أقر المشتكي، أثناء الاستماع إليه، أنه رحب بعرض رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكش، وذلك من أجل إيهامه بكون الاتفاق حصل بينهما على أن يعطيه مبلغا ماليا لم يتم تحديده، كي يمارس سلطاته وتدخلاته ليدفع عنه المستخدمين المحتجين الذين لا تربطه بهم أي علاقة تعاقدية، وقبل مغادرة المشتكى به تبادلا أرقام هاتفيهما.

على هامش افتتاح المهرجان الدولي الفيلم بأحد فنادق مراكش، التقى المشتكي مرة أخرى رئيس الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية جهة مراكش، وعند تبادلهما لأطراف الحديث، أخبره باستمرار مشكل المستخدمين، ليخبره المتهم مرة أخرى “بعرضه، وبشكل صريح، وأن باستطاعته حل المشكل، وذلك بإقناع باقي أعضاء لجنة مختلطة، كانت قد شكلت للنظر في المشكل، بإحالة النزاع على القضاء للبث فيه، وأن الحكم القضائي سيكون لفائدته، وألا يظل الملف رائجا لدى اللجن الإدارية المكلفة بحل النزاعات والتي لن تعطي نتيجة”. ومرة أخرى يشير إلى المقابل “وجّد غير الأمانة وغادي نحلوها”.

ربط المشتكي الاتصال بالمشتكى به هاتفياً يوم 11 من شهر دجنبر 2019، ويطلب منه مجدداً إيجاد حل لمشكل المستخدمين المحتجين، خاصة وأنه مقبل على تنظيم حفلة خاصة ليلة رأس السنة، سوف تحضرها شخصيات وازنة ومشاهير،  ويمكن أن يتسبب استمرار الاحتجاج أمام مقر المسبح في خسائر، فاتفقا على أن يحضر المشتكي “إلى مكتبه يوم الخميس 12 دجنبر الجاري على الساعة الـ11 وبحوزته الأمانة”.

المشكتي لم يحضر بنفسه إلى المكتب، بل كلف شريكه “س.ع” بالمشاركة في الكمين، وبرر عدم ذهابه للقاء رئيس الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية مراكش، بأنه سهر إلى وقت متأخر الليلة، التي سبقت الموعد المتفق عليه وأحس بالتعب، وأنه أخبر المتهم بأن شريكه هو من سيتكلف بإيصال “الأمانة”.

“س.ع” شريك المشتكي الرئيسي عزز بدوره رواية “ح.آ.س”، كما أن كاتبة رئيس الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية مراكش صرحت في محضر الاستماع إليها أنها كانت على علم بالموعد الذي كان مقررا أن يجمع  الطرفين، دون أن تعرف هوية من سوف يلتقي المسؤول. ونفس الشيء صرح به أحد المعاونين (شاوش) الذين يعملون بمقر الولاية.

المستثمر اتهم رئيس الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية مراكش أيضاً بـ”استغلال منصبه وفرض تمضية ثلاثة أبناء له ليوم بالمسبح مع الأكل والشرب”، وقدر الخدمات التي استفادوا منها “دون أداء مقابل عنها بـ2000 درهم”.

في حين نفى رئيس الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية مراكش تهمة “طلب رشوة”. وقال في محضر استنطاقه إنه “لا يعرف بشكل مطلق شريك المشتكي (س.ع)، الذي دخل مكتبه فعلا صباح الـ12 من دجنبر الجاري، وكان يحمل بين يديه مجموعة من كيسا  بلاستيكية أحمر، ومكث عنده قرابة الـ10 دقائق قبل أن ينصرف بسرعة ويترك ملفا فوق الطاولة الصغيرة حيث حجزت الفرقة الأمنية مبلغ الـ12 مليون سنتيماً”.

في الوقت الذي يقر بزيارة المسبح موضوع احتجاجات المستخدمين، لكن “زيارته كانت بدعوة من شخص آخر وليس مكتريه الحالي (ح.آ.س)”، ويضيف أن “زيارته كانت تدخل في سياق مهامه لتتبع المشاريع الاستثمارية والسياحية، وأنه قام بجولة داخل فضائه دون أن يطلب من المشتكي به أي مبلغ مالي أو مقابل من أجل إنهاء مشكل تهديد المستخدمين بالعودة للاحتجاج”.

رئيس الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية مراكش قدم نفسه على أنه “ضحية افتراء وتلفيق للتهمة من طرف المشتكي به”، دون أن يفصح عن السبب الذي يمكن أن يدفع المستثمر لاتهامه بـ”طلب رشوة”.

كما نفى المتهم أن يكون التقى المشتكي بأحد فنادق مراكش، خلال مهرجان الفيلم الدولي، ويقر، بالمقابل، بأن “أبناءه بالفعل زاروا المسبح دون أن يؤدوا أي مقابل، لكن كان ذلك في إطار حضور حفل غنائي فقط، وليس لتمضية اليوم كله”، ورفض “ربط قبول دعوة أبنائه إلى الحفل باستغلال النفوذ للحصول على منفعة”، لكن تمت مواجهته بمكالمة هاتفية صادرة من رقم هاتفه نحو أرقام من يتهمونه.

الأمر الذي اعتبرته النيابة العامة المختصة دليلا على تو طه ليتم عرضه مباشرة على الجلسة الأولى بتاريخ  19 دجنبر الجاري ، دون إحالته على قاضي التحقيق، ليتم تأجيل البث فيها إلى 2 يناير 2020 مع رفض تناطع الموقوف بالسراح المؤقت بكفالة مالية .