عرضت القناة الثانية أخيرا، ضمن سلسلة حكايات إنسانية، شريطا بعنوان الحصلة من إنتاجها مع نبيل عيوش، يتحدث عن الحي المحمدي بالبيضاء.
قد يظهر من العنوان أن الشريط تحفة فنية أو عمل جاد، لكن يفاحأ المتتبع لمستوى الابتذال الذي عالج به المعنى بالأمر كعادته ، ظاهرة تاريخية وعمرانية وثقافية… من حجم وطبيعة “الحي المحمدي”.
تقول مخرجة التراب أنها اشتغلت لمدة سنة من داخل الحي مع شباب اختارتهم بعناية لربطهم بتاريخ الحي ولإعادة الاعتبار لهذا الحي الأسطوري على حد تعبيرها..
لكن النتيجة التي عرضتها قناتنا العمومية وادخلتها عنوة لبيوتنا بما فيها بيوت آبائنا وأمهاتنا وأعزائنا بالحي المحمدي.. أقل ما يمكن أن توصف به أنها إهانة لهذا الحي العريق ولرموزه الوطنيين وفاعليه الثقافيين والاجتماعيين ولطاقاته الإبداعية العظيمة…
إن الشريط وما قدمه من نماذج وما روج له من كليشيهات وما بأره من ظواهر .. علاوة على الأسلوب السطحي والخام في التناول والمعالجة تتطلب جبرا للضرر في حق حي عريق ورجالات ونساء وشباب من خيرة أبناء الوطن.
لن يستغرب المشاهد للمنتج نبيل عيوش!! وطبقا لفلسفة الأسرة او ” العيلة ” في الفن المبنية على مقايضة البؤس والفضيحة بالأورو، لكن يبقى التساؤل كيف يتم عرض الشريط بكل ما يتضمنه من انحطاط وقذف ومس بالمشاعر في قناة عمومية.
لقد تم سب ناس الغيوان وهي المجموعة الغنائية التي ألهمت الملايين ليس في المغرب فقط بل عبر العالم وهي مدرسة لا زالت مستمرة إلى اليوم..
وتم اختيار نماذج منحرفة من بعض المراهقين والشباب تتفاخر بكل موبقات الانحراف وتقديمها بشكل بطولي دون احتراس أو تحفظ كنماذج يفتخر بها امام ملايين المراهقين والشباب..
أما عنوان “الحصلة” الذي تم انتحاله من إحدى روائع المشاهب فهو لا يتماشى مع مضمون ولا أهداف الشريط.. والغاية من اختياره ومن تأثيت الشريط بموسيقى المشاهب هو ذر الرماد والخلط. فكلمات الفقيد محمد باطما أعمق وأرقى من هكذا سياق.
الخلاصة أن هذا الشريط فضيحة موثقة أنجزها تجار لئيمون وقبضوا ثمنها بمختلف العملات بما فيها الدرهم.. لكن الذي يدمي القلب أن عرض هذه الفضيحة في وقت الذروة في قناة عمومية مغربية يشكل عملا تخريبيا أكثر من التجارة الفاسدة..
أما الحي المحمدي وتاريخه وذاكرته فهو اكبر من المتاجرين الأنذال ومن المخربين الأقزام.