عبد الرحمن الخرشي
قـراءة فـي الكتــاب:
استهل المؤلف كتابه بإهداء أبرز غايته من تأليفه( خدمة التراث )، ومحاولته أن يفتح نافذة التواصل مع جميع من يخدم التراث المغربي؛ يقول فيه:” إلى كل مهتم بالتراث المغربي “، وفي هذا الإهداء ما أعتبره أنا شخصياً بمثابة إزاحة المؤلف الستار عن الخلفية النظرية لما سيقوم به من عمل بحثي وعلمي لمواجهة الضياع والنسيان المستشرين في البيئة المراكشية بخاصة…
أما العنوان فقد أفصح عن مقصد صاحب الكتاب من كتابه؛ فهو( نَـظَـرَاتٌ )؛ نظرات فيما أتاحته تلك الأشعار للمؤلف من مجال للتفكير فيها، ومحاولة توضيح ما تضمنته من خلال قراءة توظف اللمح السريع مع قليلٍ من تركيز التأمل فيها من النواحي الفنية، والجمالية، والدلالية…
كما تضمن الكتاب عرضاً مقتضباً تناول حياة الشاعر، مع مدى ارتباط نسبه بجذوره السباعية الصحراوية، مع إشارة المؤلف لغزارة علمه وتنوع معارفه، ومساجلاته الفقهية، وما انتهى إليه من اعتزال الناس وهو المناضل، الفقيه، العالم، الشاعر، الأديب، الناقد، المؤرخ، المتفاعل مع مجتمعه الذي سينتهي به الأمر إلى الزهد والتصوف وفق الطريقة الدرقاوية.
وركز المؤلف في هذا الكتاب على مواقف الشاعر النضالية الوطنية ضد الاستعمار الذي طحن المغاربة بكلكله وهو يجثم على أطراف عدة من المغرب، ومدى استماتته في الدعوة للمحافظة على الهوية العربية الإسلامية للمغرب، ووقوفه في وجه كل ما يخدش القيم والسلوك المغربيين؛ وبخاصة من طرف الاستعمار!
ومما عرض له المؤلف في كتابه- وشدد عليه – محنة الشاعر التي أرغم على تذويبها بسلوكه ونهجه الصوفي ونقل ذلك في أحد أهم كتبه:” سيف النصر ” الذي كتبه الشاعر في” سجن مصباح ” بمراكش وما ميز هذه الفترة في حياة الشاعر اعتكافه على الكتابة التاريخية التي طُبعها بنفحة أدبية، فنية، بلاغية، وفقهية؛ وأغلب ما سيطر على اهتمام محمد بن إبراهيم تكرور في المرحلة؛ النقد والشعر على ما سواهما:
1 – في مجـال النقــد:
تعتبر الكتب والمخطوطات التي وقف عليها الدكتور محمد رشيد السيدي في هذا الجانب منبعاً أساسياً غذى تصوره العام حول الآراء النقدية للناقد/الشاعر محمد بن إبراهيم السباعي- تكرور – فيما تجمع له من الأحكام النقدية حول أشعار بعض شعراء عصره؛ كشعر الشاعر والمؤرخ المغربي ورجل الدولة على عهد السلطان مولاي سليمان( 1206 – 1238هـ – 1791 – 1822م ) محمد بن أحمد أكنسوس( 1211 ـ 1294هـ – 1796 1877م )، وشعر علامة المغرب في القرن الثاني عشر الهجري، وقدوته محمد اليوسي( 1040 هـ – 1102 هـ )، وأورد الدكتور محمد رشيد بعض أحكام محمد بن إبراهيم النقدية؛ التي بدت- رغم بساطتها اليوم- تشكل وعياً متقدماً من نقد الشعر المغربي في تلك المرحلة. كما أنها تعزز المستوى الفني والجمالي عند( الناقد ) محمد بن إبراهيم، وتؤشر على عمق ثقافته العربية الخالصة.