محمد الحبيب طالب
الدولي ” ومنظماته ، وأن تجعل من أكاذيبها بحملات إعلامية دولية منسقة حقائق لا يستطيع الرأي العام التشكيك في دوافعها إلا بعد صعوبات جمة . وإذا ما تمعنا جيدا في الوظيفة التي يشغلها ، في زمن الهيمنة الأمريكية ، هذا التداول ( الإعلامي الموسع لنبذ ما سمي زورا ” بنظرية المؤامرة ” ، الأدركنا خطورة هذا ” الغسل الجماعي للأدمغة ” في المرامي التالية من جهة ، تعميم البلادة السياسية والعماء الإيديولوجي . وبعبارة أخرى ، تعميم ” ثقافة القطيع ” الفاقدة لأي حس نقدي والمطواعة لتلاعبات الإعلام الدولي . ومن جهة ثانية ، تعبيد الطريق أمام توغل الهيمنة الأمريكية والغربية بوجه عام ، بتبرئة سياساتهم مسبقا من أي مصالح عدائية وأعمال دنيئة ، وتطهير تاريخهم وأهدافهم من كل الذنوب . وبالتالي ، لا طريق أخر للتقدم إلا بالتبعية والاستسلام لهم . ومن جهة ثالثة : تغيير وجهة النقد الموضوعي العقلاني والوطني ( وأشدد على الوطني ) التأخر مجتمعاتنا وأنظمتنا إلى جلد للذات تيئيسي ومحبط وفاقد للبوصلة الوطنية التحررية . الفرق الجوهري بين نقد اليسار منذ السبعينيات للأيدلوجية التقليدية المهزومة هزيمة 67 ، والذي حافظ على إرادة الأمة في التحرر قوية ومتواصلة ، وبين البعد السيبرالي الاستنساخي والتأخري ، والذي يقدم نفسه بديلا ، بينما هو يكرس التبعية ويتنصل من المسؤوليات القومية التحررية ويسوق إلى الهزيمة النفسية . إنها في الأخير ، ” بضاعة مخدرة ” يقوم بتهريبها وتسويقها أيدلوجيو وإعلاميو النيوليبرالية العالمية . وليس صدفة ، لمتانة الصلة مع هذه البروبغندا ، أن أشباههم في البلدان العربية ، من حاملي ليبرالية استنساخيه تأخريه وممن ركبوا الموجات الشعبية الإحتجاجية ، وتصدروا زعاماتها ، صنموا الديمقراطية شكلا ، بينما استصغروا المسألة الوطنية الأساس ، وهم في بلدان تقع في فوهة جغرافيتها الصدامية الساخنة . وحينما يتناولونها ، تحت ضغط الأحداث ، يمارسون ما كان الراحل ” ياسين الحافظ ” يسميه ” بالشلف التأويلي ” ، أي أنهم يبحثون عن تفسيرات غرضها الوحيد أن تكذب ، أن ما يظهر للعيان من الوقائع العنيدة للصراع الوطني الذي يخوضه غيرهم ضد حلفائهم الغربيين والإقليميين ، ليس إلا واقعا مقنعا باطنه غير ظاهره بالمرة . وبهذه الطريقة الشلفية يسهل عليهم تبخيس وجود مسألة وطنية تخربق منطلقاتهم ومنظوراتهم وتحالفاتهم ، وتكشف عن تبعيتهم المطلقة لنفس الأعداء . وهذا جوهر ما تنطوي عليه بؤر الصراع التالية .