أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مرتعا خصبا تكاثرت وطفت فوق سطحه عدة وجوه تدعي انتماءها سابقا لجهاز الأمن، بعضها معروف، وتتناول قضايا سبقت معالجتها من طرف المصالح التي عملوا بها حسب زعمهم وادعائهم، والغريب أن جلها تكتسيه التفاهة، وغالبا ما يتجنبون الإشارة لتاريخ الجريمة أو الواقعة لغرض في نفس يعقوب. وللإنصاف، لا ننكر أن هناك أساتذة وأطر أمنية لهم قنوات باليوتوب أو بمواقع التواصل الاجتماعي الأخرى بها محتوى أكاديمي جيد وجد مفيد سواء لطلاب الدراسات القانونية والباحثين والمهتمين بها أو لأطر وموظفي الشرطة القضائية الممارسين، غير أنهم محسوبون على رؤوس الأصابع.
ما دفعني للتطرق للموضوع، هو أن ظاهرة تكاثر أعداد صفة ( إطار أمني سابق أو ضابط شرطة قضائية سابق أو غيرها من المسميات ) وتناسل الحكايات التي يرددونها، دون اعتبار لعقل وأذن المتلقي الذي يضيع وقته في الاستماع لما يرددونه ولا يعود عليه ذلك بأي فائدة. والخطير في الأمر، أن أغلب من يستمع لهذا النوع من الحكواتيين، ولكثرة الأخطاء القانونية والتقنية التي يسقط فيها هذا الموظف السابق ومجانبته للصواب، وأحيانا الكذب، قد تسيء هذه الممارسات لجهاز الأمن بقدر ما تسيء للشخص نفسه الذي يتناول قضية من تلك القضايا وينشرها بالشبكة العنكبوتية، وقد تبلغ الإساءة مداها حينما تمس المجتمع ككل ويذكر المتكلم حين عرضه ويشير للأخطاء التي جعلت المجرم يسقط بين أيدي رجال الأمن، مما يعتبر درسا مجانيا يقدم هدية لمجرمين آخرين، إضافة لما نلاحظه حينما نرى المتكلم (الحكواتي) يفتقد لأسلوب التخاطب وإيصال الفكرة أو المعلومة الصحيحة، ولغياب الثقافة القانونية، الشيء الذي يجعله عرضة للأخطاء الفادحة والانتقادات التي تكون أحيانا لاذعة.
لهذا أنصح نفسي أولا، وأنصح كل من يريد الإقدام على نشر قصة أو واقعة تكتسي جريمة معينة، أن يضع نصب عينيه الهدف من تناولها والرسالة التي ينوي إيصالها للمتلقي دون محاولة إضفاء صفة البطل على شخصه، فالمهمة الأمنية والبحث عن المجرم أو المجرمين ليس بالعمل الفردي وإنما هو جماعي يتطلب تكاثف جهود جميع أعضاء فرق وأقسام الشرطة القضائية.
ولا بأس أن أشير إلى أن متابعة تفاهات من هذا النوع شجعت تفشي ظاهرة )الحكواتيين الأمنيين( والبحث عن شهرة مزيفة. فهل أصبحنا في حاجة ملحة لقانون ملاءمة جديد يضبط هذه الترهات؟؟
ع ر ح