آخر الأخبار

الشخصيات التراثية في الملحون : حاتم طي

سعيد عفلفل

من أشهر الشخصيات العربية على مر العصور، ملأت سمعته الآفاق و مجدت الكتب و السير حياته عبر الزمان. ولأنه كذلك ذكره شعراء الملحون في قصائدهم و ذكروا مكارمه و مآثره من كرم و جود. و سنأتي على ذكر نماذج من هذه القصائد بعد أن نقوم بتعريف موجز عن هذه الشخصية الخرافية.
هو حاتم بن عبدالله بن سعد الطائي. لا يعرف على وجه التحديد تاريخ ميلاده لكنه توفي عام 46 قبل الهجرة الموافق لعام 605 ميلادية. هو شاعر عربي و أمير قبيلة طئ في حائل منطقة نجد بشبه الجزيرة العربية. عاش في فترة ما قبل الإسلام و كان نصراني الديانة. يكنى أبا سفّانة و أبا عدي نسبة لابنته سفّانة و ابنه عدي.
اشتهر حاتم بكرمه و جوده و إيثاره حتى قيل إنه أكرم العرب. و كانت العرب تقول :” السخاء حاتم و الشعر زهير.” ورث حاتم جينة الكرم و الجود من أمه عتبة بنت عفيف بن عمرو التي كانت ذات يسر و كرم و سخاء لا حدود له إلى درجة أن أهلها حجروا عليها و منعوها من مالها خوفاً من التبذير.
عاش حاتم في منطقة الطائي ( حائل حاليا) و بها مات حيث دفن في بلدة تدعى توران، ولا زالت بقايا أطلال قصره و قبره موجودة في هذه البلدة.
على غرار الكثير من الشخصيات، اختلط الجانب الواقعي الحقيقي بالجانب الأسطوري الخرافي في حياة حاتم الطائي. فقد ذُكرت شخصيته في كتاب ألف ليلة وليلة. كما ظهرت هذه الشخصية في حكايا و كتب الشعوب المجاورة لشبه الجزيرة العربية في بلاد فارس و الهند و السند و بلاد الروم. تعددت القصص والروايات التي تمجد و تخلد كرم و جود حاتم الطائي. عرف عليه أنه كان يذبح في اليوم عشرة من الإبل، كما بلغ به الكرم حد التضحية بأعز الخيل لديه، إذ ذبح فرسه أكثر من مناسبة ليطعم الناس و يكرم ضيوفه. وقصته مع رسول قيصر الروم أكبر دليل. وكان جود و كرم حاتم يظهر و يتجلى في شعره. يروى أنه كان إذا اشتد البرد و كلب ( أي اشتد) الشتاء، أوقد نارا في بقاع الأرض لينظر إليها المارُّ ليلا فيبادر إليها و في هذا الصدد خاطب علامه يسار قائلا:
” أوقد فإن الليل قرُّ ** و الريح يا موقد ريح صرُّ
حتى يرى نارك من يمرُّ ** إن جلبت ضيفا فأنت حرُّ.”
ومن أشعار أيضا :
” فلا الجود يُفني المال قبل فنائه ** ولا البخل في مال الشحيح يزيد
فلا تلتمس مالا بعيشٍ ** لكل غدٍ رزقُ يعود جديدُ.”
و الأمثلة كثيرة من شعره. أما بخصوص شعر الملحون ، نورد مثالين من قصيدتين لادريس بن علي. في قصيدة الساقي و في معرض حديثه عن الخمرة. يصف الشاعر ما تفعله الخمرة بالنفس البشرية و كيف يكون مفعولها على عاقرها. إذ بمجرد ما يتذوقها المرء ولو كان شحيحا بخيلا تسري في عروقه دماء الكرم و الجود و كأنه حاتم الطائي. يقول إدريس بن علي :
” ليها ميات جيل و جيل * لو ذاقها شحيح بخيل * يجود جود حاتم طي و يرتاح.”
وفي قصيدة قصر لعنان تتجلى لنا تيمة الكرم و الجود. يقول إدريس بن علي :
” منتِ فالشان * عندنا و فعلنا فعل الكريم باخوانُه * فعال كافعال حاتم طي بالضيفان.”